وسأبين السبب في ذلك والعلة الموجبة له في موضوعه الأخص به عند ذكرنا الكمثرى على الانفراد. وأما السفرجل والتفاح والرمان، فإن استعمالها قبل الطعام وهي عفصة أو قابضة أو حامضة مما يقوي جرم المعدة والمعاء، ويمنع الاسهال المري، وينفع من عقر المعاء. واستعمالها بعد الطعام مما يقوي فم المعدة ويجمعه ويدفع الطعام من أعلى المعدة إلى أسفله، ويقمع البخارات المتصاعدة، ويمنعها من الترقي إلى الرأس ويمنع القئ المري، إلا أنه يجب أن يتوقى جرم العفص منها خاصة.
وتستعمل رطوبته ومائيته فقط لما بينا من غلظه وإضراره بعصب المعدة.
وما كان من هذه الثمار حلوا، كان الغالب على مزاجه الجوهر المائي القريب من الاعتدال، المنحرف إلى الحرارة قليلا. ولذلك صار قليل التبريد جدا ضعيف التقوية للمعدة. ولهذه الجهة صار غير موافق لمن كانت معدته حارة أو كان فيها شئ من استرخاء، ومضرا (1) بمن كان به إسهال أو قئ.
وما كان منها تفها لا طعم له مائيا، كان مذموما في جميع حالاته، لان الغالب على مزاجه البرودة والرطوبة. ورطوبته أكثر من برودته لغلبة المائية عليه ومشاكلته لطعم الماء. ولذلك صار لا خير فيه من جهتين، من قبل أنه لا لذاذة له ينسب بها إلى الغذاء، ولا منفعة فيه ينسب بها إلى الدواء لأنه ليس فيه عفوصة يقوي بها المعدة ويمنع الاسهال، ولا له حموضة يقمع بها حدة الصفراء ويقطع القئ المري، ولا له حلاوة يغذو بها، لكنه يولد خلطا بلغمانيا ورطوبات نية مذمومة.
وإذ أتينا على التفاح والسفرجل والكمثرى والرمان في الجملة، فلنأت الآن بما يخص كل واحد منها على الانفراد.