القول في الخوخ الخوخ بارد رطب في أول الدرجة الثانية وهو في أكثر حالاته موافق للمشمش في جهات، ومخالف له في جهات. أما مخالفته له، فلانه ألذ طعما وأوفق للمعدة من قبل أنه لا يفسد في المعدة ولا يحمض فيها كالمشمش. وأما موافقته فلانه يشركه في توليد البلغم الغليظ اللزج في جداول الكبد والعروق، وفى سرعة استحالته وفساده في المعدة، إلا أنه دون المشمش في ذلك كثيرا لغلظ جسمه وقلة رخاوته. ومما يدفع به ضرره أن يؤخذ على خلاء من المعدة من الطعام ونقاء من الفضول، ويشرب بعده نبيذ صرف. إلا أنه ينقسم قسمين: لان منه نوعا كبير المقدار أبيض اللون مزغب ويسمى المشعر، وربما كان في بعض أجزائه تورد قليل. ومنه نوع آخر لطيف المقدار أملس السطح أحمر اللون، وربما كان في بعض أجزائه صفرة، وأهل مصر يسمونه بالخوخ الزهري.
والأول منهما: الأبيض المزغب الغالب عليه في طعمه الحلاوة مع مرارة يسيرة، لأنه أكثر رطوبة ولزوجة. ولذلك صار في جميع ما ذكرنا من سرعة فساده في المعدة وانتقاله من البلغم الغليظ أسبق وأكثر. ومن خاصة هذا النوع من الخوخ أنك إذا شققته بسكين وتركته ساعة شممت منه رائحة زهكة كريهة. وفى هذا دليل على سرعة استحالته إلى العفونة. وأما النوع الثاني المعروف بالزهري، فهو أذكى رائحة وأعطر وألذ طعما وأقرب من المرارة وأبعد من الحلاوة وأقل رطوبة. ولذلك صار أشد تطفئة للمرار وأقل إضرارا بالمعدة لأنه أبعد من الاستحالة إلى الفساد.
واليابس من الخوخ أغلظ وأبعد انهضاما. وأما ورق هذه الشجرة وفقاحها وقضبانها، فإن فيه مرارة بينة، ولذلك صار ورقها إذا دق وعصر ماؤه وشرب، أسهل الدود والحيات والعقارب وحب القرع من البطن. ويفعل ذلك أيضا إذا حمل على السرة من خارج. وإذا دق ورقه ودلك به بعقب النورة في الحمام، قلع رائحتها. وإذا عصر ماؤه في الاذن، قتل الديدان المتولدة (2) فيها. وهو تعالى أعلم.