الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (١) وقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: (الا اني أوتيت الكتاب ومثله معه، الا اني أوتيت القرآن ومثله معه، الا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته، يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم من حلال فأحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه...) (٢).
وفي ظل هذين المصدرين المباركين استغنت الأمة عن كل تقنين بشري وتشريع غير إلهي إلى يوم القيامة فقد كان لهم في هدي الكتاب والسنة غنى وكفاية. كيف وقد سمى سبحانه غير حكمه حكم الجاهلية، وقال: ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون﴾ (3) فإذا كان هذه منزلة السنة النبوية، كان من الواجب على الأمة القيام بضبط كل دقيق وجليل أثر عنه صلى الله عليه وآله ولكن - يا للأسف - تقاعست الأمة الاسلامية عن تدوين السنة وجمعها وضبطها في حياة صاحبها وبعد رحلته، وتوانت عن القيام بهذا الواجب إلى منتصف القرن الثاني بعد ضياع قسم كبير من السنة وتسرب الإسرائيليات والأحاديث الموضوعة إلى أوساط المسلمين عامة والمحدثين خاصة، وبعد ما ندموا قاموا بالوظيفة ولما ينفعهم الندم.
روى السيوطي، قال: (أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن واستشار فيها أصحاب رسول الله فأشار إليه عامتهم بذلك فلبث عمر بن الخطاب شهرا يستخير الله تعالى في ذلك شاكا فيه، ثم أصبح يوما وقد عزم الله تعالى له، فقال: إني كنت فكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب كتبوا مع كتاب الله كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، واني والله لا البس كتاب الله بشئ فترك كتابة السنن).