فحذف الأسانيد، واتى بالمتون على ترتيب الكتب الفقهية، فألف كتاب الشرائع وقد كان عمله هذا ثورة في ذلك المجال، وتبعه ابنه الصدوق (ت 381 - 306) فألف المقنع والهداية على ذلك الغرار، وتبعه الشيخ المفيد (ت 413 - 336) فألف - المقنعة، والشيخ الطوسي (ت 460 - 385) النهاية وراج هذا النمط في الفقه. وهو كان تدوينا وتطويرا للفقه تلقاهما الأجيال بالقبول، وتعد تلك المرحلة، المرحلة الأولى بالنسبة إلى التطوير، كما تعد المرحلة الثانية بالنسبة إلى تدوين الفقه، وقد كانت المرحلة للتدوين ذكر المتون مع الأسانيد.
ولما اتسع نطاق الفقه باتساع دائرة الحاجات، لم ير فقهاء الشيعة محيصا عن التجاوز عن متون الأحاديث إلى صياغة فروع جديدة مستنبطة من تلك الأحاديث ومضامينها بعبارات جديدة، انطلاقا من قولهم عليهم السلام علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع (1).
ولعل أول كتاب خرج على هذا النمط هو كتاب (المتمسك بحبل آل الرسول) تأليف الشيخ الأقدم الحسن بن علي بن أبي عقيل المعاصر للشيخ الكليني وكتاب (تهذيب الشيعة لاحكام الشريعة) تأليف محمد بن أحمد بن الجنيد المعاصر للصدوق.
ثم قام شيخ الطائفة بتأليف المبسوط في ذلك المجال فخرج في ثمانية أجزاء كما الف الخلاف في الفقه المقارن الذي أودع فيه آراء فقهاء المذاهب الاسلامية وتوالت حركة التأليف بعده على ذلك النمط إلى يومنا هذا فالفت مجاميع فقهية مفصلة تتجاوز عن المآت والألوف.
وتشكل هذه المرحلة المرحلة الثالثة من تدوين الفقه، والمرحلة الثانية من تطويره، وبما أن الشيعة الإمامية التزمت بانفتاح باب الاجتهاد ووجوب رجوع العامي إلى المجتهد الحي لم يزل هذا النوع من التطوير يتكامل من صورة إلى