الرسالي، ولذا لم تتحدث عنه (ص) في ما نقل في الروايات الموثوقة حديثا عاطفيا شخصيا لأنها كانت الرسالة مجسدة (1) ".
وقفة قصيرة إننا قبل كل شيء نذكر القارئ بما أوردناه في كتابنا: مأساة الزهراء ص 336، فليراجعه القارئ الكريم إن أحب.. ثم نقول:
1 - إن من يقرأ هذا البحث الطويل العريض يشعر بمدى اهتمام هذا البعض في إسقاط الحقيقة التاريخية التي تقول: إن فاطمة كانت تظهر الحزن الشديد على أبيها، وإن السلطة قد تضايقت من ذلك، لأنه يذكر الناس بمقامها منه، ويذكر الناس أيضا بما جرى عليها من ضرب وإهانات، وإسقاط جنين، ومن هتك لحرمتها..
نعم، لقد تضايقت السلطة من ذلك فبادرت إلى منعها من البكاء بحجة واهية، وغير صحيحة، وهي أن بكاءها يؤذي الناس الذين يزورون المسجد الذي هو النقطة المركزية للمدينة كلها. وفيه يجتمع الناس للعبادة وللسياسة، وللحديث في مختلف الشؤون..
ونتيجة هذا الجهد المبذول منه هي تبرئة السلطة من هذا العمل الذي لا يرضاه وجدان أي إنسان، وإن الاطلاع عليه، من قبل أي كان من الناس، يفتح بابا واسعا امام كل أحد لمعرفة المحق من غيره، والمعتدي من المعتدى عليه..
2 - إن جميع ما استدل به هذا البعض هنا لا يصلح (حسب قواعده هو) لاثبات ما يريد إثباته. لأنه يعتمد على روايات لا تستطيع أن تكون دليلا قاطعا، ومفيدا لليقين في هذا الأمر التاريخي الذي يشترط هو فيه اليقين والقطع على أساس الدليل اليقيني، ولا يكتفي فيه بخبر الواحد، ولا بمطلق ما هو حجة عنده.
3 - إن أدلته التي ساقها لاثبات ما يرمي إليه تخالف ما حكاه لنا القرآن الكريم عن يعقوب عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام، فإنه قد بكى على ولده حتى ابيضت عيناه من الحزن، وكان مثابرا على ذكره حتى قال له أبناؤه:
(تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا، أو تكون من الهالكين) (2).