الحديث موجه إلى اليهود والنصارى الذين يحتفظون بالتوراة والإنجيل ليقارنوا بين القرآن وبين الكتابين، ليجدوا صدق هذه الدعوة فإذا عرفنا أن الكتاب الذي بأيدينا من التوراة والإنجيل هو الكتاب الذي كان بأيديهم في زمن الدعوة، فإننا نخرج من ذلك بنتيجة واضحة، وهي أن الإنجيل والتوراة لم يحرفا بالدرجة التي لا يبقى فيها مفهوم صحيح من مفاهيم الرسالة أو آية سالمة من التحريف من آياتهما، بل إنهما يتضمنان الكثير من النصوص الصحيحة والمفاهيم الحقة التي تصلح أن تكون أساسا للمقارنة بينها وبين القرآن لمعرفة صدقه، من خلال اشتماله على ما في التوراة والإنجيل، ليكون التحريف مختصا ببعض الجزئيات كالبشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونحو ذلك ولولا ذلك. لما كان هناك مجال للاحتجاج بهما على صدق القرآن، لاختلاف مفاهيمهما - بلحاظ التحريف - عن مفاهيم القرآن، والله العالم " (2).
وقفة قصيرة ونلاحظ على كلام هذا البعض الأمور التالية:
1 - إن من يقرأ التوراة المتداولة في هذه الأيام سيلاحظ: أن أكثر ما جاء فيها لا يمكن القبول به.. وأن الكثير من مضامينها يصل في سخفه، وابتذاله حدودا خطيرة إلى درجة يصبح معها القول بكون التحريف جزئيا ويسيرا مهزلة من المهازل، وسخرية بالعقل البشري، ومهانة له. وذلك بدءا من تجسيم الله، وانتهاء.. بالحديث عن عرى الأنبياء، وارتكابهم الجرائم، والزنا حتى بالبنات والأخوات، وشرب الخمر، وقتل النفوس المحترمة.. إلى غير ذلك مما يندى له جبين الإنسان ألما وخجلا..
فقول البعض إذن:
" إن التحريف إنما نال بعض جزئياتها من قبيل البشارة بنبوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.. " لا يمكن قبوله، وليس له دليل يدل عليه، ولا نحب أن نقول أكثر من ذلك..
2 - هذه هي التوراة المتداولة بمرأى منا ومسمع، وتلك هي أحكامها ومفاهيمها التي يتحدث عنها هذا البعض، فليرجع إليها الناس ليروا مدى بعد