التي كانت تستعجل العذاب كإيحاء بعدم جديته في إظهار تكذيبهم للرسول بهذا الأسلوب. والظاهر أن هذا هو الأقرب من خلال السياق الذي أكد العذاب كحقيقة إيمانية ثابته لا مجال للشك فيها (1). " وقفة قصيرة إننا نشير هنا - باختصار - إلى أمور ثلاثة:
الأول: إننا نلاحظ أن هذا البعض لا يقبل بكون هذه السورة مدنية، مستندا إلى رواية ابن عباس الواردة في تصنيف سور القرآن إلى مكية ومدنية. مع أن ابن عباس كان له من العمر حين وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر سنوات أو ثلاث عشرة سنة على أبعد تقدير، ثم إنه أيد كلامه بدعوى أن سياقها، في بداياتها ونهاياتها، التي تتحدث عن اليوم الآخر يناسب كونها مكية..
ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن ثمة روايات كثيرة تذكر: أن صدر هذه السورة قد نزل في قضية غدير خم، حين قدم ذلك الرجل على رسول الله (ص)، معترضا على تنصيبه عليا عليه السلام إماما، فلما لم يجد عند النبي (ص) ما يوافق هواه ولى وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء.
فرماه الله بحجر على رأسه فقتله، وأنزل قوله تعالى (سأل سائل بعذاب واقع..) وهذا المعنى مروي عند الشيعة بعدة طرق. ومروي أيضا بطرق غيرهم (2).
فلماذا يأخذ برواية ابن عباس الضعيفة، ويترك جميع هذه الروايات المروية من طرق الشيعة وغيرهم؟!.
بل لماذا لم يشر أصلا إلى هذه الروايات؟ رغم أنه ينقل كلام العلامة الطباطبائي (قدس سره) الذي تضمن استدلالا على مدنية السورة بهذه الروايات نفسها. فنجده قد نقل كلامه باستثناء هذه الفقرات، التي تضمنت استدلاله هذا، فإنه أسقطها ولم يلتفت لها ولم يشر إليها. ولو أغمضنا عن كل هذا فكيف حصل له القطع الذي يشترطه دائما في أمثال هذه الأمور من الرواية الضعيفة، ولم يحصل له مما هو أصح سندا، وأكثر