ولزوم الاختيار، لا من دراسة دقيقة لنوعية الصورة الواقعية للجمع بين الأمرين.
إننا نتساءل ما هو المانع من اختيار الله بعض عباده ليكونوا معصومين باعتبار حاجة الناس إليهم في ذلك، وما هي المشكلة في ذلك انطلاقا من مصلحة عباده، وإذا كان هناك إشكال من ناحية استحقاقهم الثواب على أعمالهم إذا لم تكن اختيارية لهم فإن الجواب عليه هو أن الثواب إذا كان بالتفضل في جعل الحق للإنسان به على الطاعة لا بالاستحقاق الذاتي، فلماذا لا يكون التفضل بشكل مباشر إذ لا قبح في الثواب على ما لا يكون بالاختيار بل القبح في العقاب على غير المقدور.
ثم.. إننا نلاحظ في أسلوب الإحتجاج للعصمة في كتب المتكلمين، أنه بحاجة إلى الكثير من التطوير في مواجهة علامات الاستفهام الكبيرة التي تثيرها التحديات المضادة لا سيما فيما يتصل بالالتزام العقلي الذي يفرض العصمة في غير حالات التبليغ، فإن الواقع الإصلاحي والتغييري في العالم قد يحصل من خلال قيادات غير معصومة بطريقة، وبأخرى مما يشكل نقطة ضعف على الإستدلال للفكرة، مما يفرض الاتجاه بالاستدلال نحو أساليب أخرى تتصل بالتعمق في طبيعة النبوة أو الإمامة كموقعين رساليين قياديين يختلفان عن أي موقع قيادي آخر، بالمستوى الذي تختلف فيه أوضاعها عن أي وضع آخر، بالإضافة إلى عناصر أخرى قد تحتاج الفكرة من خلال المناقشات الجديدة، لأن هذه المسألة لم تعد تتحرك في الدوائر الإسلامية المذهبية التي تفرض مسألة العصمة بشكل كلي لتضعها في نطاق التبليغ في دائرة النبوة " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
إن الحديث عن جبرية العصمة، وجعل الثواب بالتفضل للبشرية كلها وفي كل شئ، ونفي أن يكون للاستحقاق أي دور فيه، استنادا إلى القول بأن الثواب على غير المقدور غير قبيح، بل القبح إنما هو في العقاب على غير المقدور..
إن هذا الحديث غير مقبو ل، ولا معقول.. وذلك لما يلي:
1 - إن قبح العقاب على غير المقدور، وعدم قبح الثواب عليه، لا ينتج أن يكون الثواب للعباد كلهم وفي كل شيء بالتفضل لا بالاستحقاق، بل تحتاج المثوبة بالتفضل إلى شرط آخر، وهو أن لا يلزم من سلب القدرة محذور آخر، مثل: