".. لا واسطة بين العبد وربه في خطابه وسؤاله له:
وقد نلاحظ في التوجه الإنساني بوحدانية العبادة والاستعانة.. في خطاب العبد لربه في هذه الآية الكريمة (إياك نعبد وإياك نستعين).. أن الإنسان لا يحتاج في حديثه مع الله وفي طلبه منه إلى أية واسطة من بشر أو غيره، لأن الله لا يبتعد عن عبده ولا يضع أي فاصل بينه وبينه.. إلا ما يضعه العبد من فواصل تبعده عن مواقع رحمته، وتحبس دعاءه عن الصعود إلى درجات القرب من الله.. بل أراد لعباده أن يدعوه بشكل مباشر ليستجيب لهم، وحدثهم عن قربه منهم بحيث يسمع كلامهم حتى لو كان يمثل الهمس أو في مثل وسوسة الصدور، وذلك قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (البقرة 186) وقوله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (سورة ق 16) " (1).
وقفة قصيرة ولنا هنا ملاحظات:
1 - إن هذا البعض لم يقدم أي دليل على مدعاه في أن استجابة الله مرهونة بالتوجه إليه تعالى مباشرة.
2 - وأما القول بأنه لا حاجة في الحديث إلى الوسائط من البشر أومن غيرهم، فلا مجال لقبوله، ونحن نرى روايات كثيرة تتحدث عن التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والأولياء عليهم السلام. وذلك يدل على وجود حاجة إلى ذلك لا سيما بالنسبة إلى الخاطئين، ولولا حاجتهم إلى ذلك تربويا وإيمانيا لما وجههم الله إليه.
ومما يدل على توسيط الوسائط ما رواه ابن شهر آشوب، عن علي عليه السلام في قوله تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) قال: أنا وسيلته (1).
وفي حديث آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يرتبط بالأئمة من ولد الحسين قال (ص): هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله تعالى (2).
وعن علي بن إبراهيم في تفسيره للآية قال: فقال، تقربوا إليه بالإمام (3).