الله، لا يصح أن يصاب بما أصيب به من كيد من قبل اخوته.. فإن ما حدث قد كان في مستوى الكارثة التي استهدفت نبيا من الأنبياء بعثه الله لهداية الأمة بأسرها.
ثالثا: ما ادعاه من أن قبح الجزع وحسن الصبر لا يقبلان التخصيص والاستثناء، غير مقبول..
فإن.. الجزع إن كان على الرسول بما هو رسول، وعلى الإسلام، كان طاعة ومحبوبا لله سبحانه..
والذي لا يقبل الاستثناء هو ذلك الذي يستبطن الاعتراض على الله سبحانه في قضائه وقدره..
رابعا: قد وردت روايات صحيحة وصريحة في حسن الجزع على مصاب الإمام الحسين عليه السلام. فلو كان قبيحا ذاتا، كالظلم لم يكن معنى لهذا الاستثناء.. كما أنه لو كان كذلك لا ستهجنه الناس ورفضوه. ورفضوا روايته عنهم عليهم السلام. وقد تقدمت قصيدة دعبل التي أنشدها بحضرة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام..
كما أننا قد ذكرنا هناك أنه عليه السلام قد زاد بيتين في قصيدته يرتبطان بالبكاء عليه صلوات الله وسلامه عليه. فراجع..
بل هذا البعض نفسه يشترط كون حكم العقل قطعيا، فهو يقول:
" عندما ندعو إلى قراءة التاريخ بموضوعية، ندعو قبل ذلك إلى تنمية الذهنية الموضوعية، التي تتحرك بدون أفكار مسبقة، بل تلاحظ ما يقوله العقل القطعي لتأخذ به. وليس كل ما يعتبره البعض حكما عقليا فهو في الحقيقة حكم عقلي.. لا بد أن نعتمده، ونؤول النصوص على ضوئه. بل إن تصوراتهم قد يعتبرونها حكما عقليا.. " (1).
فنحن نلزم هذا البعض هنا بما ألزم به نفسه. ونعتبر أن حكمه بإباء حكم العقل عن التخصيص في مورد الجزع غير دقيق..
خامسا: من أين ثبت لهذا البعض: أن حزن فاطمة (ع)، الذي نهاها الحكام عنه، قد بلغ إلى درجة الجزع، ليستدل بالروايات الناهية عن هذا الأمر، وبالروايات الآمرة بالصبر عند المصاب؟!.