غريب وعجيب..
فأولا: إن البكاء على الرسول بكاء على الرسالة، وإعلام للناس بأن ما أصاب الرسالة قد كان حين فقده. ولو أنه كان موجودا فلن يجرؤ أحد على القيام بأي شيء مما قاموا به ضدها وضد علي (عليه السلام) من أجل اغتصاب الحق.
وثانيا: هل ثبت له أنها قالت ذلك بطريقة أفادته اليقين والعلم بصدور ذلك منها، وفقا لشروطه هو في أمثال هذه الموارد؟!.
ثالثا: إن من يراجع ما جرى عليها يجد: أنها كانت تستنجد بأبيها، وتلهج باسمه في أشد الحالات، وفي أحلك الظروف التي تواجهها.. ولعل بعض ما تهدف إليه من ذلك هو ان يتذكروا أقواله لها وفيها، وأن يعرفوا حجم الجريمة التي يرتكبونها، لأنها في كل أبعادها ومختلف مظاهرها تستهدف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وهي عدوان صريح عليه هو قبل أن تكون عدوانا عليها، ولأجل ذلك نجد أنها كانت في الأزمات تنادى أباها، ولا تنادي عليا.
فحين وجأ عمر جنبيها نادت: وا أبتاه.
وحين ضرب ذراعها نادت: (يا رسول الله لبئس ما خلفك به الخ.. وفي نص آخر صاحت: يا أبتاه.. وحين دخلوا عليها بغير اذن، وما عليها خمار نادت بنفس هذا النداء..) (1).
وحين ضربها على خدها حتى بدا قرطاها تحت خمارها وهي تجهر بالبكاء وتقول:
(وا أبتاه، وا رسول الله، ابنتك تكذب وتضرب، ويقتل جنين في بطنها) (2).
وعن النبي (ص):
(كأني بفاطمة بنتي، وقد ظلمت بعدي، وهي تنادي يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أمتي) (3).
وأنشدت مخاطبة أباها:
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب قد كان بعدك انباء وهنبثة واختل قومك فاشهدهم ولا تغب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها