يشغلها عن الحزن حيث يجب ان تحزن، كما يريد البعض ان يدعي..
كما أن حق علي في الخلافة لا يدل على أن حزنها لم يكن شديدا وشاملا، فان حزنها كان أعظم وسائل الدفاع عن هذا الحق. وحفظه، وبيان أنهم قد أخذوا ما أخذوه ظلما وعدوانا..
11 - إن بكاء الزهراء لم يكن من خلال أنها بشر تبكي عند فقد الأحبة كما يقول البعض.. بل من خلال: أن رسالتها هي الإعلان بهذا الحزن، وإظهار الرفض لما جرى من عدوان عليها. وهتك لحرمتها من أجل اغتصاب حق الأمة الذي جعله الله لها، بأن تكون الخلافة لأمير المؤمنين عليه السلام..
إذن، فما معنى الحديث عن الجزع في هذا المقام؟!.. فإنها لم تجزع على شخص، بل كان حزنها على الرسالة، وعلى الدين، وعلى الأمة..
12 - وحتى لو كان جزعها على شخص أبيها، فإنه ليس كل جزع مذموما، بل المذموم منه هو الذي يمثل اعتراضا على قضاء الله وقدره، وعدم الرضا به..
وأما الجزع الذي يعبر عن الحب للرسول. وعن الحزن على ما أصاب الدين ورموزه، فإنه يمثل أقصى حالات الطاعة لله، والانقياد إليه، والحب له. وهو من العبادات التي ورد الأمر بها، ووعد الله بالثواب الجزيل عليها.
وقد ورد ذلك في روايات كثيرة، منها ما هو صحيح ومعتبر.. فما معنى الخلط بين ذاك الجزع المذموم، وهذا الجزع المحبوب والمطلوب.
13 - وأما ما نسب إلى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، من أنه قال، وهو يلي غسل رسول الله (ص) وتجهيزه: لولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون (1). فيرد على الاستدلال به:
أولا: إن هناك ما يعارض هذه الرواية، وهو ما ذكره هذا البعض نفسه أيضا، حيث ذكر ما روي من أنه عليه السلام وقف على قبر رسول الله (ص) ساعة دفنه فقال: (إن الصبر لجميل إلا عنك، وإن الجزع لقبيح إلا عليك) (2).