كله، وشعر بالحزن يزحف إلى قلبه، وبالخوف يسيطر على روحه، رجع إلى الله في روحية العبد الخاشع، وذهنية الإنسان الملتجئ إليه المعتصم به، فعاش معه ابتهالاته ودعواته وروحية الصلاة في ضميره، فإذا بالضعف يتبدل إلى القوة، وبالخوف يتحول إلى شعور بالأمن، وبالحزن ينطلق إلى الفرح الروحي، ليوحي لنفسه بأن الله معه، ليثبت أمام الزلزال، وليقول لإخوانه الذين يعيشون الاهتزاز الروحي والفكري والعملي أمام عواصف المحنة والبلاء: لا تحزنوا إن الله معنا " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
1 - إن دعوى وجود تواعد فيما بين النبي (ص) وبين أبي بكر على الهجرة معا.. يقابلها نصوص تقول: إنه (ص) قد لقي أبا بكر على طريق المصادفة.. فطلب منه أبو بكر مرافقته، فلم يرفض النبي (ص) ذلك..
بل إن ثمة نصا آخر يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخذه معه ليتلافى بذلك بعض السلبيات المحتملة، ولسنا هنا بصدد تحقيق ذلك.
2 - ثم هو يسجل خبرا يحكي لنا فيه حقيقة مشاعر أبي بكر، حيث قرر أن الضغط قد اشتد على مشاعره لأنه كان يخشى من الموقف على نفسه وعلى النبي (ص).
وقد كنا نتوقع أن يذكر لنا النصوص التي أثبتت له هذه الحقيقة التي تدخل في دائرة المشاعر الخفية بشقيها: أعني خوف أبي بكر على نفسه أولا، ثم خوفه على النبي (صلى الله عليه وآله) ثانيا، حتى استطاع هذا البعض أن يقدمها كحدث صادر وواقع.. وهو الذي يشترط اليقين في الأخذ بالأخبار في قضايا التاريخ، وفي الأخبار عن حالات الأشخاص، وغير ذلك.
فكيف بما يدخل في دائرة المشاعر والأحاسيس؟!.
3 - ولا ندري كيف عرف أن أبا بكر قد عاش الاهتزاز الروحي والعملي والفكري.. مع أن هناك من يقول: إن حزن هذا الرجل لم يكن مبررا بدرجة يقينية.. خاصة إذا فرضنا أن حزنه كان على النبي (ص).. فإن ما رآه من الآيات من شأنه أن يمنحه اليقين برعاية الله سبحانه لنبيه (ص).