ثم يذكر أن الذي جعله الله خليفة في الأرض هو:
" النوع الإنساني، لأن آدم الشخص، محدود بفترة زمنية معينة، ينتهي عمره بانتهائها، فكيف يمكنه القيام بهذا الدور الكبير الذي يشمل الأرض كلها ويتسع لكل هذه المرحلة الممتدة. هذا أولا.
وثانيا: إن الملائكة قد وصفوا هذا الخليفة بأنه يفسد في الأرض ويسفك الدماء. وهذا الوصف لا ينطبق على آدم بل ينطبق على بعض الجماعات التي يتمثل فيها النوع الإنساني في مدى الحياة " (2).
وقفة قصيرة ونلاحظ هنا:
1 - إن كلامه يعني: أن الأنبياء والأوصياء لا فضل لهم فيما يمارسونه من فعل الخير.. لأن هذا البعض يقول: إن العصمة إجبارية.. إما مطلقا، وإما في خصوص ترك المعاصي، حيث اختلفت أقاويله في هذا المجال..
ومن المعلوم: أنه حين تكون العصمة إجبارية، فإنهم يؤدون الواجبات، ويمتنعون عن المعاصي، بشكل تكويني، لأنهم لا يقدرون على ترك تلك، ولا على فعل هذه، لأن ترك الواجب معصية لا يقدر عليها المعصوم، فلا فضل للمعصوم إذن لا في هذا ولا في ذاك، وفقا لمقولات هذا البعض.
2 - إن الملائكة، وإن كانوا لا يعيشون الشهوات، كما يعيشها الإنسان، ولكنهم لا يمارسون الخير بشكل تكويني، كما يقول هذا البعض بل هم خلق مختارون يمارسون الخير بملء إرادتهم.
وقد يختارون الاستزادة فيه، فترتفع بذلك مقاماتهم، ويزيد فضلهم، ولأجل ذلك كان بعضهم أفضل من بعض وأكرم، ولجبريل فضله العظيم فيهم، والمراجع للروايات الكثيرة جدا يجد صحة ما ذكرناه.
3 - من أين علم هذا البعض أن الملائكة يمارسون الخير بشكل تكويني، فلا فضل لهم فيه.. إن ذلك يحتاج إلى القطع واليقين، لأنه يرتبط بحقائق المخلوقات.. وهذا البعض يشترط القطع واليقين في كل ما عدا الأحكام الشرعية..