ما ينطلق به التوجيه الإسلامي للحدود التي يجب الوقوف عندها من خلال طبيعة الحقائق الواقعية للعقيدة، لأنه لا يكفي، في استقامة العقيدة، أن لا يكون هناك دليل مانع من عمل معين، أو من كلمات خاصة، أو من طقوس متنوعة، بل لا بد من الانفتاح على العناصر القرآنية للفكرة العقيدية، والأجواء المحيطة بها، والروحية المميزة المتحركة في طبيعتها، حتى لا تختلط مظاهر الاحترام بين ما يقدم للخالق وما يقدم للمخلوق، بقطع النظر عما إذا كان ذلك شركا أو كفرا، أو لم يكن. ولا سيما إذا عرفنا أن الشعوب قد يقلد بعضها بعضا في الكثير من الطقوس والعادات في مظاهر الاحترام والتعظيم، مما قد يؤدي إلى التأثر الشعبي ببعض التقاليد الموجودة لدى بعض الشعوب غير الإسلامية التي قد تشتمل على العناصر الفكرية أو الروحية البعيدة عن فكر الإسلام وروحه.
إن هناك نوعا من التوازن في الحدود النفسية للارتباط الروحي بالأشخاص، من حيث الشكل أو المضمون، لا بد للمسلم من مراعاته من أجل الاحتفاظ بالأصالة الفكرية التوحيدية في خط الانفتاح على الله بما لا يدعو به إلى غيره، لإبقاء الصفاء العقيدي في العمق الشعوري الروحي للإنسان المسلم، لأن ذلك هو السبيل الأمثل للاستقامة على الخط المستقيم، لأننا لا نريد أن نصل في استغراقنا العاطفي إلى لون من ألوان عبادة الشخصية في ما تتحرك به مشاعر العاطفة بعيدا عن رقابة العقل، الأمر الذي يدفعنا إلى أن نتحمل مسؤولياتنا في الساحة الفكرية، لنراقب طبيعة الأساليب الشعبية في ذلك كله؛ لنبقى من خلال المراقبة الدقيقة في مواقع التوازن الفكري والروحي في خط العقيدة " (1).
وقفة قصيرة ونقول:
1 - إن التقاليد المتبعة لدى العوام من المسلمين في تعظيم الأنبياء والأولياء تتمثل في تقبيل ضريح النبي أو الإمام، ووضع الخد عليه، ومسحه باليد أو بالثوب، والدعاء عنده وطلب شفاء مريض، أو قضاء حاجة، والصلاة إلى الله قرب ذلك الضريح، وقراءة القرآن والأدعية المأثورة، والبكاء إلى الله والطلب والابتهال إليه بأن يغفر ذنوبهم ويرحمهم، وقد يقام مجلس عزاء يذكر فيه ما جرى على أهل بيت النبوة (ع) في سبيل هذا الدين..