الجانبين وإن كل واحد من المتعاقدين التزم بالقبض في ضمن التزامه المطابقي بمضمون العقد، يكون المناسب لشرطية القبض هو شرطيته للعقد بمعنى الاسم المصدري، أعني النتيجة الحاصلة من العقد بالمعنى المصدري وهذا الذي ذكرناه من عدم وجوب القبض في باب الوقف والصدقة والهبة ووجوبه في باب الصرف والسلم هو المتسالم فيه بين الأصحاب والسر فيه ما ذكرناه.
إذا تحقق ذلك فيقع الكلام في باب الإجازة في أنها هل هي كالايجاب والقبول أو أنها كالقبض في باب الوقف والصدقة والهبة، أو أنها كالقبض في باب الصرف والسلام، ويترتب على الأول جواز رجوع الأصيل عن انشائه قبل إجازة الآخر، فلو كان البايع أصيلا والمشتري فضوليا وفسخ البايع قبل إجازة مالك الثمن يكون كالفسخ قبل تحقق القبول، ويترتب على الثاني أيضا صحة رجوع الأصيل قبل إجازة الآخر، نظير صحة رجوع الواقف مثلا قبل القبض، ويترتب على الثالث عدم تأثير فسخ الأصيل فيما أنشأه قبل إجازة الآخر، بل يجب عليه الوفاء بما أنشأه نظير فسخ البايع قبل القبض في الصرف والسلم.
ثم جواز الرجوع على الأول أي على القول بكون الإجازة كالايجاب والقبول مبني على القول بجواز ابطال كل واحد من المتعاقدين لانشائه قبل إنشاء الآخر، وهذا مما تسالموا عليه وقد وجهه المصنف (قده) باشتراط عدم تخلل الفسخ بين جزئي السبب أعني الايجاب والقبول فانضمام الجزء الآخر أعني القبول من دون تحقق الشرط لا يكون مجديا في وجود المسبب ثم قال بأنه عند الشك في الاشتراط يدفع الشرطية ببركة الاطلاقات الدالة على صحة العقود ولزومها، ثم قال ولا يخلو التمسك بالاطلاق في المقام