أحد الأمرين، هو الوجهان المذكوران في الخيارات الثابتة بالضرر، حيث يقال فيها إن لزوم العقد ضرري فيرفع بالخيار، وإن ثبوت الخيار بالضرر متوقف على عدم جبرانه باجبار المالك، ومع اجباره بما يرفع به الضرر، فلا ضرر حتى يوجب الخيار، ولا يخفى أن شيئا من الوجهين لا مجرى له في المقام، أما مسألة اجبار المالك فلأن مورده إنما هو فيما إذا كان التزام من الملاك، فتخلف عما التزم به فيجبره على الوفاء بما التزم، كما في خيار تخلف الشرط، ومن البين عدم صدور التزام من المالك في المقام حتى يجبر على شئ وفاء لالتزامه بقضاء (أوفوا بالعقود) فليس في اجباره وجه أصلا، وأما مسألة تدارك الضرر بالخيار، فلأن الضرر إنما يتدارك إذا لم يكن المتضرر مقدما عليه وإلا فلا يلزم تداركه حتى يثبت بسببه الخيار.
كما أن في صورة الغبن لا خيار للمغبون مع علمه بالغبن، ولما كان الأصيل مقدما على الالتزام على نفسه في بيع الفضولي يكون الضرر ناشيا من اقدامه على الضرر فلا خيار، ويمكن منع كون فعله اقداما على الضرر بالفرق بين المقام وبين الاقدام على المعاملة الغبنية، بأن المعاملة الغبينة ضرري والأقدم عليها مع العلم بها أقدم على الضرر، وهذا بخلاف معاملة الأصيل مع الفضولي، حيث إن نفس تلك المعاملة ليست ضرريا بل الضرر ينشأ من مقدمة أخرى وهو مماطلة المالك على الإجازة والرد، فنفس هذه المعاملة لا تكون ضرريا والاقدام عليها ليس اقداما على الضرر إلا مع العلم بأن المالك يماطل وأما مع احتمال المماطلة واحتمال المسارعة في الرد أو الإجازة فليس هناك اقدام على الضرر.
فإن قلت: كما أن من العلم بالمماطلة يصدق الاقدام على الضرر كذلك مع احتمال مماطلة المالك على الرد والإجازة أيضا يصدق الاقدام