وسبب موقف علي عليه السلام: أن إعلانه الحرب على خلافة أبي بكر وعمر يعني المواجهة العسكرية مع قريش الطلقاء الذين ملؤوا المدينة، ويعني دفعهم إلى إعلان الردة عن الإسلام، وقولهم إن محمدا صلى الله عليه وآله لم يكن نبيا، بل كان يؤسس ملكا لأسرته بني هاشم، فجعل خلافته لابن عمه وصهره، ثم لأولاد بنته!
فعلي عليه السلام لا يؤمن بمنطق أبي سفيان من أن معدن الحق والحكم هم بنو عبد مناف لأجل نسبهم، بل معدنه أمر الله تعالى ونص رسوله صلى الله عليه وآله بأمره على عترته!
لذلك كان رأيه أن حكم أبي بكر وعمر الذي يعترف بنبوة النبي صلى الله عليه وآله مهما كان، لا يقاس بالمواجهة التي يدعو إليها أبو سفيان وتؤدي حتما إلى ردة قريش عن الإسلام، وقتل كل بني هاشم، ومن يثبت معهم على الإسلام!
وسرعان ما ظهرت صحة رؤية علي عليه السلام، فقد غير أبو سفيان موقفه وأخذ ثمن بيعته مكاسب لأولاده! ثم استطاع أن يرتب الخلافة بعد عمر لشخص من بني أمية هو عثمان بن عفان، وهو مقبول فعلا عنده، وإن كان من فرع بني العاص وليس من فرعه بني حرب، الذين هم بزعمه (أصحاب الحق) في بني عبد مناف!
دراسة العصرين الأموي والعباسي وشخصية معاوية وأبيه!
نعم، يتوقف فهم هذين العصرين على فهم شخصية معاوية وأبي سفيان، فقد أسس أبو سفيان، ثم أسس معاوية وخطط، واستطاع في أربعين عاما أن يبني إمبراطورية أموية واسعة، وأن يتعادل في الحرب مع الخليفة الشرعي وبطل الإسلام وفارس العرب، علي بن أبي طالب عليه السلام! ثم استطاع أن يجبر خليفته الشرعي سبط النبي صلى الله عليه وآله ومحبوب المسلمين الإمام الحسن عليه السلام على الصلح معه،