اعلم هل كان الطالوي يعتقد مذهب الشيعة أو جرى على مذهب ممدوحه الشريف لأنه شيعي اه. وأقول لم ترو الشيعة وحدها حديث الغدير بل رواه جميع علماء المسلمين حتى أن الطبري ألف فيه كتابا والقصيدة الآتية التي منها هذا البيت دالة على تشيعه في عدة مواضع منها، والله أعلم بحقيقة حاله. وفي نسمة السحر أيضا: يقوي الظن بتشيعه انه كان تلميذ الشيخ داود الأنطاكي كما ذكر هو في السانحات أحد مؤلفاته اي مؤلفات الطالوي قال: والشيخ داود قرأ مدة رحلته من بلدة أنطاكية في جبل عامل على فضلاء الامامية فهو شيعي قال ويلوح من نفحات هذه القصيدة له بذكر الزوراء والغري الشريف ونواحيه عنبر التشيع. ثم نقل كلاما للمترجم حكاه كتابه السانحات يصف فيه وروده على الشيخ داود للاخذ منه يقول فيه: وردت إليه على برح اشتياق فمازجته امتزاج الراح بالماء القراح ولزمته لزوم الظل في الغدو والرواح فسمح لي بشئ من علومه الغريبة بدقائق حكمه العجيبة ولم أزل مدة إقامتي بالقاهرة ودمشق أرد حماه واجعل سميري فيها قمر محياه تارة بالظاهرية وأخرى بربع قاسيون ممليا علي فيه من لطائف اسماعه وظرائف نكته البديعة ونوادره واخباره فمما سمعته وذكره ما حكاه له الأنطاكي من ترجمة أحواله كما مر في ترجمته ومن شعره الذي أورده صاحب الريحانة:
أنسيمة الروض المطير * بالعهد من زمن السرور وأنيق أيام الشباب * وعيشه الغض النضير ووثيق أيام التصابي * يا لمعهدها الخطير ومعاهد كان الشباب * وشرخه فيها سميري هومت فيه فصاح بي * داعي الصباح المستنير فطفقت انظر منه في * أعقاب برق مستطير قد كان حسان المرا * بع فيه حسان البدور أيام غصن شيبتي * ريان من ماء الغرور وذؤابتي شرك المهى * وحبالة الظبي الغرير فتنال في يدها المهاة * الرود من ريم الخدور حيث الشبيبة غصة * غناء صافية الغدير من كل مخطفة الحشي * كاخي الرشا الظبي النفور طلعت بليل ذوائب * أبهى من القمر المنير بيضاء وشحت الترائب * والنحور من الثغور وكسا معاطفها الشباب * الرود حسان الحرير قويت على قتلي وفي * الحاظها ضعف الفتور وبما جرى يوم النوى * من در مدمعها النثير وبوقفة التوديع * والأنفاس تصعد بالزفير ويد الفراق تشب في * الأحشاء نيران السعير ألا سريت مع الصبايا * نسمة الروض المطير فاجتزت من ارض العراة * على الخورنق والسدير ووقفت بالزوراء * وقفة زائر أوفى مزور وحملت للكرخ التحية * من أخي سجن أسير ونزلت من نهر الأبلة * والصراة على شفير ووقفت في وسط الفرات * بملتقى العذب النمير وسمعت هينمة الرياض * وصوت جاسية الخرير وجذبت في تلك الحدائق * طوق ساجعة الهدير حفت بسرو كالقيان * تلفعت خضر الحرير وثنيت عطفك والصباح * يكاد يؤذن بالسفور ولثمت خد الروض فيه * عذار ريحان طرير واتيت بابل فاصطبحت * بمثل مصباح منير ومنها:
يغنيك متهمة ومنجدة * سناها عن خفير والصبح يخطر في الدجى * كالوحي يخطر في الضمير والنسر فيه واقع * خوف الصباح لدى الوكور وكواكب الجوزاء * ممسكة الأعنة عن مسير خافت سهيلا فانتضت * سيفا من الشعري العبور والنجم يهوي للغروب * كأنه كف المشير وما أورده الخفاجي من شعره قوله:
توشحت كالنجوم الزهر في الظلم * سمطين من لؤلؤ رطب ومن كلم وقلدت جيد أرام النقي دررا * بزت بهن دراري الأفق في القسم وأقبلت في مروط الزهور رافلة * تجريتها فضول المرط من أمم جيداء مصلته القرطين مائسة * العطفين مخضوبة الأطراف بالعدم كأنها حين وافت والفؤاد بها * صب صبابة شرخ مر كالحلم فما الرياض بكاها المزن ليلته * بكاء طرف قريح بات لم ينم شوقا لطرق خيال بات يرقبه * من ناقض العهد والميثاق والذمم يضاحك المزن فيها الأقحوان ضحى * عن ثغر مبتسم بالدر منتظم فالورق صادحة والروض ضاحكة * ثغوره بين منهل ومنسجم بجاذب الريح أطراف الغصون بها * فتنثني والهوى ضرب من اللمم يوما بأحسن مرأى من شمائلها * وقد أتت بعتاب من أخي كرم قال ومر الطالوي ببلاد ابن معن قرب صيدا وهو رئيس الطائفة الدروزية أصحاب الحاكم بأمر الله بالشام وهم فرقة من الإسماعيلية لهم شهرة وصيت ونسبتهم إلى الحسين الدرزي اي الخياط والدرز الخياطة، قال بعض الخوارج لما قتل زيد بن علي وكان معه خياطون من الكوفة:
أأبا حسين والأمور إلى مدى * أولاد درزة اسلموك وطاروا وكتب له الشريف أمير الشام كتابا إلى ابن معن يوصيه به فعدا عليه أصحاب ابن معن وانتهبوا ما معه وفي جملة ذلك غلام له والظاهر أن ذلك كان في طريقه من الشام إلى مصر فكتب إلى الشريف بهذه القصيدة يستدعيه عليهم ولا يعرف من هو هذا الشريف:
بالله يا نشر العبير * سرى بروضات الغري (1) طاف المشاهد وانثنى * نشوان من كأس روي وأقام بالزوراء (2) منها * في رياض الحائري (3)