والتوجيه الثاني كما في المسالك أن على كل واحد نصف قيمته يوم جنايته، لأن الجناية إذا صارت نفسا دخل أرشها في بدل النفس، وكل واحد منهما لم يضمن إلا نصف النفس، فلا يدخل فيه إلا نصف الأرش ولا يدخل النصف الآخر فيما ضمنه الآخر، ولذلك لو قطع يدي رجل فسرى دخل أرش اليد في بدل النفس، ولو قطعهما ثم قتله غيره لم يدخل أرش اليد في بدل نفس ضمنها الآخر، ثم يرجع الأول على الثاني بنصف أرش جنايته، لأنه جنى على النصف الذي ضمنه الأول وقومناه عليه قبل جنايته، ومن غرم شيئا بكمال قيمته له أن يرجع بما جنى عليه بما ينقصه، ألا ترى أن من غصب ثوبا وجنى عليه آخر فخرقه ثم تلف الثوب وضمن المالك الغاصب تمام القيمة فإنه يرجع على الجاني بأرش التخريق، وإذا رجع عليه كذلك استقر على كل واحد منهما خمسة، وعلى هذا فالمالك مخير في نصف دينار بين أن يأخذه من الأول أو الثاني، فإن أخذه من الأول رجع على الثاني، وإن أخذه من الثاني استقر عليه، وحصل التسوية بينهما على التقديرين.
وفيه ما لا يخفى من الفرق بين الفرض وبين الثوب الذي ضمانه باليد ولو تلف بآفة سماوية، بخلاف الفرض الذي لا ضمان فيه إلا للجناية إذ الدابة في يد مالكها، فلا وجه لرجوع الأول على الثاني بشئ، ضرورة تساويهما بسبب الضمان الذي هو الجناية، لقاعدة الاتلاف {و} غيرها كما {هو} واضح.
وكيف كان فقد ضعف هذا الوجه بأنه {حيف} وظلم {على الثاني} لأنه جنى على ما هو أقل من قيمته، وضمن كالجاني على الأزيد قيمة، وبأنه مبني على عدم دخول الأرش في بدل النفس، وهو خلاف القول المنصور، لأن بدل النفس مشتمل عليه، فلو لم يدخل