ثم قال: " ولا ينافيها النصوص الواردة في شيراز الأتن، كالصحيح (1) " هذا شيراز الأتن اتخذناه لمريض لنا، فإن أحببت أن تأكل منه فكل " والصحيح الآخر (2) " عن شراب ألبان الأتن، فقال: اشربها " والخبر (3) " لا بأس بشربها " فإن غايتها الرخصة ونفي البأس عنه الواردان في مقام توهم الحظر، ولا يفيدان سوى الإباحة بالمعنى الأعم الشامل للكراهة، فتأمل بعض في التبعية في هذه الصورة أيضا لا وجه له، سيما والمقام مقام كراهة يتسامح في دليلها، ويكفي فيها فتوى فقيه واحد فضلا عن الاتفاق ".
وفيه أيضا ما لا يخفى بعد الإحاطة بما ذكرناه، خصوصا والعنوان للكراهة اللحم لا الحيوان الذي يأتي فيه ما ذكره سابقا، وإن منعناه عليه أيضا، بل إن لم يكن إجماعا كما ادعاه أمكن المنع في الكراهة، خصوصا بعد قوله (عليه السلام) في المرسل السابق (4): " إن لبن ما يؤكل لحمه حلال طيب " المشعر بعدم الكراهة، وبعد نفي البأس عن شرب ألبان الأتن (5) الذي قد يشعر أيضا بعدم الكراهة، بناء على ظهوره في نفي طبيعة البأس، وبعد النصوص المستفيضة الدالة على استحباب شرب مطلق اللبن.
قال أبو جعفر (عليه السلام) (6): " لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل طعام ولا يشرب شرابا إلا قال: اللهم بارك لنا فيه وأبدلنا خيرا منه إلا اللبن، فإنه كان يقول: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ".