وإن قدر العوض فإن لم يفرد له ما يأكله فله الأكل كذلك حتى يشبع مع فرض وقوع التراضي بذلك على أن يكون من الصلح أو الهبة بالعوض أو نحوهما، وإن أفرده فإن كان المقدر ثمن المثل أخذه بعقد بيع جامع لشرائط صحته أو صلح كذلك أو غيرهما أو معاطاتهما، وله أن يأخذ حينئذ ما فضل، وإن كان أكثر من ثمن المثل فسيأتي البحث فيه.
وإن أطعمه المالك ولم يصرح بالإباحة ففي المسالك " فيه وجهان، أصحهما أنه لا عوض عليه، ويحمل على المسامحة العادية في الطعام، سيما في حق المضطر " وفيه أن الأصل الضمان مع عدم تصريحه بالمجانية ولو بظهور حال يقوم مقام التصريح.
ومنه يعلم ما في قوله متصلا بما سمعت: " ولو اختلفا فقال المطعم:
أطعمتك بعوض وقال المضطر: بلا عوض ففي تصديق المطعم لأنه أعرف بكيفية بذله أو المضطر لأصالة براءة ذمته وجهان " ضرورة كون المتجه بناء على ما ذكرناه أن القول قول المطعم.
ومن الغريب ميله إلى الضمان في صورة الايجار بعد ما سمعته منه، قال: " ولو افتقر المضطر إلى وجور الطعام في فمه فوجره المالك وهو مغمى عليه بنية العوض ففي استحقاقه العوض وجهان، والأولى القول بالاستحقاق هنا، لأنه خلصه من الهلاك، وكان كالعفو من القصاص إلى الدية، ولما فيه من التحريض على تدارك المضطرين، ووجه العدم أن المضطر لم يطلب ولم يتناول، فكان المالك متبرعا، والأقوى الأول " مع أنه يمكن كون الأمر بالعكس، ضرورة قوة السبب على المباشر في الفرض.
ثم قال فيها أيضا: " وكما يجب بذل المال لابقاء الآدمي يجب