جناية الأول غير مضمونة بتقدير أن يكون مباحا، وهو ضعيف} في بعض أفراده {لأنه مع إهمال التذكية جرى (يجري خ ل) مجرى المشارك بجنايته} كما في مسألة الصيد التي عرفت الكلام فيها.
وفي الدروس بعد أن حكى ذلك كله عن المصنف قال: " وهذا الاحتمال لو صح لم يشترط فيه كون الصيد مباحا، فإن جناية المالك على ماله غير مضمونة أيضا، وقدرة المالك على التذكية قد لا تتحقق، فلا ينتظم هذا الوجه مستقلا، بل بقيد القدرة على التذكية " إلى آخره.
قلت: وعلى كل حال فهذا الوجه لا يتأتى في المسألة المفروضة إلا على تقدير كون الدابة صيدا، وقد عرفت أن المتجه النصف، سواء قدر على التذكية وأهمل أولا، لأن الافساد مستند إلى فعليهما، فلا بد من الحكم بتوزيع القيمة ثم إسقاط ما يخص المالك، كما تقدم الكلام فيه.
اللهم إلا أن يقال: إن الثاني هو الذي يستند القتل إليه وإن سرى جرح الأول مع جرحه، إلا أن فعل المعية والجمعية ونحوهما قد حصل من الثاني، والأول قد صار بمنزلة المعد والشرط، وحينئذ يتجه هذا الاحتمال في مفروض المسألة، كما عن الشيخ فارضا له في جناية المالك وجناية غيره، ولم أجده لغيره، نعم قد ذكروا ذلك في الصيد إذا أثبته الأول وجرحه الثاني وسرى الجرحان حتى مات بهما، فارقين بينه وبين الشاة التي جرحها المالك ثم جرحها الغير وماتت بهما، وقد عرفت البحث في ذلك.
وعلى كل حال فالاحتمال في المسألة إما هذا {وإما التسوية} بينهما {في الضمان} بمعنى إنه يجب على كل واحد منهما خمسة دنانير، وتوجيهه بطريقين: أحدهما أنه يجب على كل واحد منهما أرش جراحته وهو دينار، لأنه نقصان تولد من جنايته، وما بقي وهو ثمانية تلف بسراية الجراحتين، فيشتركان فيه فهما حينئذ متساويان في الأرش والسراية.