والأصل في ذلك اختلاف الأخبار، ففي الحسن (1) أن الحلبي سأل الصادق (عليه السلام) " عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل؟ قال: يأكل الصيد، أما يحب أن يأكل من ماله؟ قال: بلى قال: إنما عليه الفداء، فليأكل وليفد).
وفي خبر إسحاق (2) " أن عليا (عليه السلام) كان يقول: إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له ".
وجمع بينهما ونحوهما بوجوه: (منها) التقية. و (منها) الفرق بين المتمكن (3) من الفداء وعدمه. و (منها) الفرق بين لحم الصيد والحي منه. و (منها) احتمال الثاني أن لا يكون وجد الصيد أو لم يتمكن منه وإن اضطر إليه. وقد تقدم تحقيق الحال فيها في الحج (4).
ثم إن الظاهر وجوب الاقتصار في الأكل من الصيد على سد الرمق مع فرض كون المضطر إليه ذلك، نحو ما سمعته في الميتة، بل عن المنتهى نفي الخلاف فيه هنا، بل عن التذكرة الاجماع عليه، خلافا لبعض، فجوز له الشبع، لسقوط الإثم بالاضطرار، وفيه ما لا يخفى بعد ما عرفت، والله العالم.
{ولو كان حيا محقون الدم لم يحل} لعدم جواز حفظ النفس باتلاف أخرى، ولذا لم يكن تقية في الدماء، ولا فرق في ذلك بين السيد والعبد والولد والوالد والشريف والوضيع، بل في المسالك والكافر المحترم