ولكن قيل ظاهر كلام الصدوق والشيخين وجوده في زمنهم، وقد عرفت أن المستفاد من النصوص استحباب النزول في المحصب الذي هو الوادي لا المسجد وإن ذكر ذلك غير واحد إلا ما سمعته من الفقه المنسوب إلى الرضا عليه السلام الذي لم تثبت عندنا نسبته، ولعل ما ذكره ابن إدريس من تأدي السنة بالنزول في الوادي لعدم معرفة المسجد مبني على الجمع بينهما على فرض وجود الأمر به في المسجد بالحمل على التأكد فيه لا أصل السنة، وقد نص الجوهري وغيره على ما قيل إنه الشعب الذي يخرجه إلى الأبطح، وقد سمعت ما في خبر أبي مريم أنه دون خبط وحرمان، والظاهر أنهما اسمان ثم زالا وزال اسمهما، وفي المدارك (لم أقف في كلام أهل اللغة على شئ يعتد به في ضبط هذين اللفظين وتفسيرهما) وفي الوافي (لعل المراد بما دون خبط وحرمان أن لا ينام فيه مطمئنا ولا يجاوزه محروما من الاستراحة فيه، فإن الخبط بالمعجمة والموحدة طرح النفس حيث كان للنوم، وفي بعض النسخ (ذو خبط) يعني يرتحل وهو طارح نفسه للنوم ومحروم من النوم) انتهى، وعن الأزرقي (حد المحصب من الحجون متصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى إلى حايط حرمان مرتفعا عن بطن الوادي) وهو يشهد لما قلناه، كقوله أيضا في المحكي عن تاريخه (كان أهل مكة يدفنون موتاهم في جنبي الوادي يمنة وشامة (يمنة وشامية خ ل) في الجاهلية وفي صدر الاسلام، ثم حول الناس جميعا قبورهم إلى الشعب الأيسر لما جاء فيه من الرواية ففيه اليوم قبور أهل مكة إلا آل عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، وآل سفين بن عبد الأسد بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فهم يدفنون بالمقبرة العلياء بحائط حرمان) وعن السيد تقي الدين المالكي في مختصر المقدمة (قلت حائط حرمان هو الموضع
(٥٩)