منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٩٨
التعليق تارة ينشأ من تردد المنشئ في إنشائه لأجل أمور خارجية كقدوم الحجاج ونحوه بأن يقول: (بعتك المتاع الفلاني ان قدم الحاج في هذا اليوم أو ان كنت عالما أو هاشميا أو ابن زيد مثلا) فان تعليق الانشاء في مثل هذه الموارد مانع عن صحته، لعدم جزم المنشئ بما أنشأه من الامر الاعتباري النفساني، إذ المفروض جهله بحصول المعلق عليه.
وأخرى ينشأ من عدم علمه بإمضاء الشارع له مع جزمه بما أنشأه من الاعتبار النفساني، فعدم جزمه ليس الا من جهة جهله بالسبب المؤثر شرعا في ترتب الأثر. والقادح في صحة الانشاء هو الأول دون الثاني، ولذا لو عامل الوالد مع ولده معاملة ربوية، أو طلق شخص زوجته - التي لم يدخل بها - حال الحيض أو تزوج بأخت زوجته المطلقة بائنا في عدتها، أو بالربيبة بعد تطليق أمها قبل الدخول بها و غير ذلك جاهلا بإمضاء الشارع لها ثم انكشف صحتها، فلا إشكال في ترتب آثار الصحة عليها، بل لا ينبغي التأمل في صحتها مع العلم بعدم إمضاء الشارع لها وانكشاف خطائه، حيث إن موضوع إمضائه - وهو الاعتبار النفساني المنشأ جزما من ناحية المنشئ - قد تحقق بالفرض، وليس علم المنشئ بترتب الأثر الشرعي على إنشائه دخيلا في الموضوع، لخروجه عما هو فعله وتحت اختياره.
فالنتيجة: أن الانشاء جزمي لا تعليق فيه، وهو الموضوع لامضاء الشارع، والمردد هو السبب المؤثر والممضى شرعا، لتردده بين هذا و ذاك، وبالجمع بينهما يحصل العلم بتحقق ما هو الموضوع لامضاء الشارع، فيجري الاحتياط في العقود والايقاعات كجريانه في العبادات والتوصليات والوضعيات.