منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٠
لان المكلف المنقسم إلى مجموع الأقسام أعني القاطع والظان و الشاك ليس الا المجتهد كما هو واضح.
والحاصل: أن المكلف الناظر إلى الأدلة الذي يحصل له العلم بالحكم أو الظن به أو الشك فيه ليس الا المجتهد.
ومما ذكرنا يظهر ضعف دعوى (أعمية المكلف من المجتهد و العامي، غاية الامر أن المجتهد نائب عن العامي في استنباط الاحكام، لا أن عجزه يوجب اختصاص المكلف بالمجتهد) وذلك لان المجتهد حين مراجعة الأدلة واستنباط الاحكام الكلية منها لا يرى نفسه نائبا عن الغير في استنباطها، بل هو غافل عن النيابة غالبا فلا يقصدها مع أنها متقومة بالقصد، بل يكون رجوع الجاهل إليه أمرا فطريا ارتكازيا من باب رجوع الجاهل إلى العالم، لا من باب رجوع المنوب عنه إلى النائب، إذ الاجتهاد واجب كفائي، فالمجتهد المستنبط للحكم يأتي بواجبة الكفائي، كسائر الواجبات الكفائية التي يأتي بها هو وغيره من المكلفين عن أنفسهم لا عن غيرهم نيابة، فلا ربط لباب النيابة بالمقام أصلا.
كما يظهر غموض دعوى الأعمية أيضا ببيان آخر وهو: (أن المجتهد ينقح مجرى الأصل بحسب وظيفته، فان وظيفة المجتهد هي وظيفة الإمام عليه السلام وهي بيان الاحكام المجعولة لموضوعاتها في الشريعة المقدسة بنحو القضايا الحقيقية.) وذلك لان القيود المذكورة للمكلف قرينة على اختصاصه بالمجتهد. وأما أن بيان الاحكام بنحو العموم وظيفة العالم كوظيفة الإمام عليه السلام، فهو أجنبي عما نحن فيه، ولا يقتضي عموم المكلف لغير المجتهد،