منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٦٥
بترك الاخر. فيصير الوجوب في كل منهما مشروطا.
وليس الواجب الكفائي كذلك، لوحدة الملاك فيه، فجميع الخطابات الكفائية لا تحكي عن ملاكات عديدة، بل عن ملاك واحد، فلا يتمشى فيها الاشتراط المزبور.
الخامس: أن يكون الوجوب بالنسبة إلى كل واحد مشروطا بعدم بناء الاخر على الاتيان بالفعل، فإذا علم واحد من المكلفين ببناء غيره على الترك وجب، فمع العلم بالبناء على الفعل لا يجب على الغير، و كذا مع الشك في العزم على الاتيان به لأنه شك في التكليف، فتجري فيه البراءة.
والحاصل: أن الوجوب منوط بإحراز بناء الغير على الترك، فما لم يحرز هذا البناء الذي هو شرط الوجوب لا يحكم به، هذا.
وفيه أولا: ما تقدم من: أنه إنكار للوجوب الكفائي، لرجوعه إلى الوجوب العيني المشروط.
ومن: أنه لا يتصف الفعل من أحد منهم بالوجوب إذا بنى الجميع على الاتيان به، لعدم تحقق شرط وجوبه، وهو البناء على الترك.
وثانيا: أن لازمه سقوط الوجوب عن الباقين بمجرد بناء بعض على الاتيان به، بل عدم ثبوته في حق الباقين بمجرد بناء غيرهم على الفعل ولو لم يشرع بعد فيه فضلا عن إتمامه. وهذا خلاف ما ذكروه في الواجبات الكفائية: من أن سقوطها منوط بالاتيان بتمام الواجب، أو الشروع فيه.
وأما مجرد البناء على الفعل، فلم يدل دليل على مسقطيته عن الغير.
فالحق هو الوجه الأول، أعني: تعلق الوجوب الكفائي بكل واحد من المكلفين على سبيل العموم الاستغراقي، كتعلق الوجوب العيني بهم، بأن يقال: إن الوجوب سنخ واحد سواء أكان عينيا، أم كفائيا، أم تخييريا أم تعيينيا، فإن تعلقه بواحد مبهم غير معقول، لامتناع التحريك والبحث نحوه، وتعلقه بمعين