منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
ترجيح بلا مرجح، فلا بد من أن يتعلق بالجميع كالوجوب العيني، ولا فرق بينهما من هذه الحيثية. فالتكليف كالمكلف به متعدد في كل من الوجوب العيني والكفائي، فكما يتعلق الوجوب العيني المتوجه إلى كل واحد من المكلفين بفعل نفسه لا بفعل غيره، فكذلك الوجوب الكفائي، فإذا امتثل الكل استحقوا الثواب، وإذا عصوا استحقوا العقاب، بمعنى: استحقاق كل واحد منهم عقابا مستقلا، كما في الواجبات العينية.
فالفرق بين العيني والكفائي هو: أنه إذا بادر أحدهم إلى الامتثال سقط عن الباقين في الكفائي، دون العيني. ومنشأ هذا الفرق هو:
ارتفاع موضوع التكليف بهذه المبادرة في الواجب الكفائي، حيث إن موضوع وجوب التجهيز مثلا: الميت الذي لم يجهز، فتجهيزه مرة واحدة يخرجه عن هذا الموضوع، وإلا فليس اختلاف في حقيقة الوجوب حتى يفرق فيه بين العيني والكفائي، بل الاختلاف إنما هو في متعلق الوجوب، لخصوصية أخذت فيه، لما عرفت: من أن متعلق الوجوب الكفائي متخصص بخصوصية ترتفع بمبادرة واحد منهم إلى الامتثال، وليس متعلق الوجوب العيني كذلك، هذا.
ويمكن أن يفرق بينهما أيضا من جهة أخرى، وهي: أن الغرض من الواجب الكفائي واحد، ولذا يسقط بفعل واحد منهم. بخلاف العيني، فإن الغرض منه متعدد، ولذا لا يسقط بذلك، ومن المقرر: أن وحدة الملاك لا تقتضي تعدد الخطاب، بل وحدته، إذ يلزم من تعدده اللغوية، للزوم خلو بعض الخطابات حينئذ عن المصلحة، ولما كان الملاك في الواجب العيني متعددا بحيث يكون لكل فعل من كل مكلف ملاك يخصه، فلا محالة يتعدد الخطاب، ويكون لكل مكلف خطاب يختص به.
بخلاف الواجب الكفائي، فإن وحدة ملاكه توجب وحدة خطابه، فلا وجه لان يقال:
إن الوجوب الكفائي يتعلق بكل واحد من المكلفين على حذو تعلق العيني به.