منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٠
المضيقة فيما إذا أريد امتثال الواجبات الموسعة في أول أوقاتها، إذ لا محيص حينئذ عن تقدير الوجوب آنا ما قبل زمان الواجب حتى يمكن الانبعاث عنه في أول أزمنته، مع عدم التزامهم بلزوم تقدم زمان البعث على زمان الانبعاث في الواجبات الموسعة أصلا -، لا وجه لتقدم زمان البعث على زمان الانبعاث أصلا، إذ لا محذور في اتحاد زمان الخطاب والامتثال، بل لا محيص عنه، لأنهما كالعلة والمعلول في الوحدة زمانا، والتعدد رتبة، غاية الامر: أنه لما كان الخطاب بوجوده الواقعي قاصرا عن التحريك، فلا بد في تتميم هذا القصور من العلم به قبل وقته، حتى يتمكن العبد من الانبعاث عنه في أول أزمنته، ومن البديهي: أنه بعد العلم به يقدر على امتثاله في أول آنات توجهه إليه بلا محذور أصلا، فإذا علم المكلف في الليل مثلا بوجوب الصوم عليه مقارنا لطلوع الفجر الصادق امتثل ذلك الوجوب، من دون توقفه على سبق الوجوب على الطلوع.
فالبرهان المتقدم - وهو: طلب الحاصل، أو: إعادة المعدوم - لا يقتضي تقدير الطلب قبل زمان الواجب في المضيقات أصلا، بل حالها حال الموسعات في عدم الحاجة إلى التقدير المزبور.
ومنه يظهر: ما في كلام المصنف (قده) في مبحث الواجب المعلق في مقام دفع إشكاله من قوله: (مع أنه لا يكاد يتعلق البعث إلا بأمر متأخر عن زمان البعث) من الغموض، حيث إن ظاهره: امتناع اتحاد زمان الانبعاث والبعث، ولزوم تأخر الأول عن الثاني، وقد عرفت ما فيه.
فالمتحصل: أنه لا موجب لتقديم زمان البعث على زمان الانبعاث، بل وزانهما وزان العلة والمعلول في اتحادهما زمانا، واختلافهما رتبة، فزمان الامر والامتثال واحد، كوحدة زماني الطلب والموضوع، لما تقرر في محله: من كون الموضوع بمنزلة العلة، والحكم بمنزلة المعلول، وإلا يلزم الخلف والمناقضة.