منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٩٤
القدرة الشرعية عن الحج، فينتفي ملاكه، فيرتفع التزاحم، ولا تصل النوبة إلى الترتب.
وبالجملة: فمورد الترتب الضدان غير المشروط شئ منهما شرعا بالقدرة.
ثم إن الضدين المشروطين بالقدرة العقلية إن كانا متساويين في الملاك، فالعقل يحكم بالتخيير بينهما، وإلا فيقدم الأهم على المهم بلا كلام ولا إشكال. إنما الكلام في أن أمر المهم هل يسقط رأسا، أم يسقط إطلاقه فقط ويبقى مقيدا؟ فيقيد وجوب المهم بترك متعلق الأهم، ويصير إطلاق خطاب المهم مشروطا بترك متعلق الأهم مع بقاء خطابه على إطلاقه. فيه خلاف عظيم، ذهب جمع من الأساطين كالشيخ الأعظم، والمصنف وغيرهما (قدس سرهم) إلى الأول، وجمع آخر منهم كالمحقق الثاني، وسيد الأساطين الميرزا الكبير الشيرازي، و السيد المدقق السيد محمد الأصفهاني (قدس سرهم) إلى الثاني.
وهذا هو الذي يقتضيه التحقيق، وتوضيحه منوط بالإشارة إلى جهات:
الأولى: أن عمدة محذور الترتب لزوم طلب الجمع بين الضدين، و الغرض من تمهيد هذا الامر هو دفع هذا المحذور، بتقريب: أن طلب الجمع إنما يلزم فيما إذا كان الطلبان المتعلقان بالضدين عرضيين، كقوله: (صل وأزل).
وأما إذا كانا طوليين، فلا يلزم أصلا، كما إذا قال: (أزل النجاسة، وإن تركتها فصل)، فمطلوبية الصلاة حينئذ ليست في عرض مطلوبية الإزالة، بل في ظرف تركها، فلو فرض محالا: قدرة العبد على الجمع بين الإزالة والصلاة في آن واحد لا تتصف الصلاة بالمطلوبية، لعدم حصول شرط طلبها وهو ترك الإزالة.
ومن هنا يظهر: مناط الطولية المانعة عن لزوم طلب الجمع أيضا، وأنه ليس مطلق طولية أحد الطلبين للاخر، وترتبه عليه مانعا عن لزوم طلب الجمع، وذلك لامكان الترتب المزبور مع لزوم طلب الجمع، كما إذا قال: (إن أمرت بدخول المسجد فاقرأ القرآن)، فإن طلب القراءة مترتب على الامر بدخول المسجد، وفي طوله.