ومنها: ما يكون شرطا للمجعول أو مانعا عنه نظير الاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج، وهذا القسم هو محل النزاع في المقام، واما الأولان، فخروجهما عن محل الكلام واضح، ودخل هذا القسم في التكليف ليس واقعيا وإلا لزم انقلاب المجعول الشرعي إلى المجعول التكويني، وأيضا لزم تخلف الحكم عن موضوعه، بل دخله انما يكون بجعل الشارع ولذا قلنا ان قيود الحكم بأجمعها داخلة في الموضوع، وجزء له، مثلا إذا قال يجب الحج ان استطاع، تكون الاستطاعة جزء الموضوع ولا يعقل فعلية وجوب الحج قبل تحققها كما لا يعقل عدمها، بعد تحققها، واطلاق الشرط عليه، انما يكون بالمسامحة في التعبير، وهذا الاطلاق صار سببا للاشتباه وتخيلوا ان المراد به ما هو من اجزاء العلة، وعلى هذا فكما ان جعل وجوب الحج بيد الشارع، وهو مجعول شرعي كذلك تضييق دائرة موضوعه أو توسعته بيده، فدخل كل قيد في الحكم الذي مرجعه إلى تقييد الموضوع وتضييقه انما يكون بالجعل الشرعي.
وبما ذكرناه ظهر ما في كلام الشيخ الأعظم، وما في الوجه الثاني الذي افاده المحقق الخراساني.
واما الوجه الأول: الذي افاده، فيرد عليه ان المتقدم انما هو السبب، والشرط، والمنتزع عن التكليف هو السببية، والشرطية.
فالمتحصل مما ذكرناه ان شرطية شئ للحكم أو مانعيته عنه انما تنتزع من الحكم المجعول على النحو الخاص وهذا لا ربط له بشرطيته للمصلحة أو الجعل فتدبر حتى لا يشتبه الامر عليك.
واما القسم الثاني: فالحق فيه ما افاده المحقق الخراساني وتوضيحه انه لهذه الأمور أيضا مراتب ثلاث.
الأولى: كونها أجزاءا للمتصور حيث إن الصلاة مركبة من أمورات متباينة ومقولات مختلفة وقبل ان يأمر المولى بها لا بد وان يتصور المولى مجموعها، فكل واحد منها جزء للمتصور.
الثانية: كونها أجزاءا وشرطا للمصلحة، حيث إن احكام الله تابعة للمصالح