التوفيق العرفي واما الثاني: ففي الكفاية أو كانا على نحو إذا عرضا على العرف وفق بينهما بالتصرف في أحدهما إلى آخر ما افاده، محصل ما ذكره في التوفيق العرفي وكونه جمعا عرفيا، انه إذا عرض الدليلين على العرف يحملون ما تضمن للأحكام بعناوينها الأولية، على بيان الاحكام الاقتضائية، وما تضمن للحكم بالعنوان الثانوي على بيان المانع، فمع انطباق العنوان الثانوي لا يصير الحكم فعليا لوجود المانع، ومع عدمه لوجود المقتضى وعدم المانع يصير فعليا.
وفيه: انه ان أريد من الحكم الاقتضائي مقتضى الحكم، فمضافا إلى أنه خلاف الظاهر: إذ الظاهر من الدليل كونه في مقام بيان الحكم لا كونه جملة خبرية، ان لازمه عدم لزوم امتثال الحكم في غير مورد الضرر مثلا أيضا: لان وجود الملاك بنفسه لا يوجب لزوم الامتثال إذ حينئذ يحتمل عدم التكليف لوجود المانع.
وان أريد به حمله على الفعلية الناقصة: فيرد عليه ان فعلية الحكم وعدمها أجنبيتان عن المولى بالمرة بل تدوران مدار تحقق الموضوع بجميع قيوده، وعدمه، فمع التحقق لا يعقل عدم فعلية الحكم ومع عدمه لا يعقل الفعلية وعليه، فان لم يؤخذ العنوان الثانوي مانعا في مقام الجعل، لا يعقل دخل عدمه في الفعلية.
وقد مر ان تقدم الأدلة النافية للعسر والحرج، والضرر، والاكراه، والاضطرار مما يتكفل لاحكام الموضوعات بعناوينها، الثانوية على الأدلة المتكفلة لبيان احكام الموضوعات بعناوينها الأولية ليس من باب التوفيق، بل إنه انما يكون للحكومة.
ثم انه رتب على ذلك تقدم الامارات على الأصول الشرعية.
وقد عرفت في آخر مبحث الاستصحاب ان تقدمها عليها انما يكون للحكومة.