وأجاب الشيخ عن هذه المعارضة، في مبحث دوران الامر بين المحذورين، بان استصحاب التخيير، حاكم على الاستصحاب الجاري في الحجية الفعلية، إذ الشك في الحجية الفعلية بقاءا مسبب عن الشك في بقاء التخيير، فلو جرى الأصل في السبب، لا يجرى في المسبب.
ولكن يرد عليه ان السببية في المقام لا تكون شرعية، بل هما متلازمان كما هو واضح، وقد مر انه يعتبر في تقدم الأصل السببي على الأصل المسببي على القول به، ان تكون السببية شرعية، وعلى ذلك لو فرض جريان استصحاب التخيير، يعارضه استصحاب الحجية الفعلية في المأخوذ فيتساقطان.
فالمتحصل مما ذكرناه، انه بناءا على مسلك المشهور، من أن الأصل الأولى في تعارض الامارتين هو التساقط، يكون التخيير الثابت في الخبرين المتعارضين بمقتضى الأصل الثانوي بدويا لا استمراريا، واما على المختار من أن الأصل الأولى في المتعارضين مطلقا هو التخيير، يكون التخيير الثابت في الخبرين استمراريا لا بدويا.
التعدي عن المرجحات المنصوصة وعدمه المبحث الخامس: هل يجب الاقتصار على المرجحات المنصوصة على القول بوجوب الترجيح كما قويناه، أم يجوز التعدي عنها إلى كل ما احتمل كونه مرجحا واقعا وان لم ينص عليه في الروايات، كما اختاره الشيخ الأعظم حيث ذهب إلى الترجيح بكل ما يوجب أقربية أحد المتعارضين إلى الواقع من الآخر وجهان.
مقتضى القاعدة في موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير في الحجية وان كان هو التعيين: للعلم بحجية ذي المزية والشك في حجية ما قابله، والشك في الحجية ملازم للقطع بعدم الحجية.
: الا انه في خصوص الخبرين المتعارضين الأصل الثانوي يقتضى التخيير كما مر تفصيله في أول المبحث الرابع، فالتعدي خلاف الأصل يحتاج إلى دليل.