واما القول بكونها في مقام بيان حكم الأشياء بعناوينها الأولية، فهو يستلزم ارتكاب أحد خلافي الظاهر، اما الالتزام بدخل العلم في باب النجاسة والحرمة في الموضوع، وهو على فرض معقوليته خلاف ظاهر جميع أدلة النجاسات والمحرمات، أو الالتزام بعدم كون العلم بالنجاسة أو الحرمة المجعول غاية، بنفسه غاية، بل يكون طريقا محضا إلى ثبوت النجاسة أو الحرمة نظير التبين المجعول غاية في قوله تعالى) (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) بناءا على كون المراد بالتبين العلم والانكشاف، حيث إن تبين الفجر طريق إلى ثبوته الذي هو الموضوع لحرمة الاكل بلا دخل للعلم بنفسه في الموضوع، وهو خلاف الظاهر.
فحينئذ يتعين حمل النصوص على انها في مقام جعل قاعدة الطهارة والحلية.
فالمتحصل مما ذكرناه، ان جملة من النصوص الصحيحة تدل على حجية الاستصحاب وعمدتها صحاح زرارة.
جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستنبط من الحكم العقلي ثم إن بعد ثبت دلالة الاخبار على حجية الاستصحاب، لا بد من البحث في دلالتها من حيث شمولها لجميع الأقسام، وعدم شمولها لها، وقد كثرت الأقوال والتفاصيل في المقام، وأطال الشيخ الأعظم البحث في التفاصيل المذكورة في الكلمات، الا ان جملة منها لا تستحق البحث عنها، وجملة من التفاصيل لابد من التعرض لها لما فيها من الفائدة، فتنقيح القول بالبحث في موارد.
الأول: ذهب الشيخ الأعظم إلى أنه لا يجرى الاستصحاب في الحكم الشرعي الثابت بدليل عقلي، ومحصل ما افاده مبتنيا على ما هو المتفق عليه دليلا، وقولا، من اعتبار، وجود الشك، وبقاء الموضوع، واتحاد القضية المتيقنة مع القضية المشكوك فيها في جريان الاستصحاب.
ان مدرك الحكم الشرعي، ان كان هو الدليل النقلي لو تبدل قيد من قيود