وفيه: ان جعل ما ليس بعلم علما جعل اعتباري فلا تمانع ولا تدافع بين العلمين المجعولين: لأن الاعتبار خفيف المؤنة، نعم تقع المضادة بينهما بواسطة المنتهى أي لزوم حركة العبد على طبق ما أدت إليه الحجة وستعرف توضيحه.
فالصحيح في الايراد عليه ان يقال ان التعبد بهما مع حجية ظهور كل منهما مستلزم لتنجيز الواقع مع العذر عنه، فيما إذا كان أحدهما متضمنا للوجوب والآخر لعدمه، ولتنجيز الحكمين المتنافيين، فيما إذا تضمن أحدهما وجوب شئ والآخر حرمته، ولازمه العقاب على كلا التقديرين، سواء أفعل أم لم يفعل، وهو كما ترى.
ومع الغاء ظهورهما والحكم بالاجمال، مستلزم للالتزام بجعل الحجية مع عدم ترتب اثر عليها، وهو لغو وصدوره من الحكيم محال ومع الجمع والتأويل، كما في مقطوعي الصدور على مسلك الشيخ الأعظم، لا وجه له، سوى ما اشتهر قاعدة الجمع مهما أمكن أولى من الطرح من أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح - وهو غير تام - مثل ما افاده الشيخ في مقطوعي الصدور كما سيمر عليك.
وتنقيح القول في هذه القاعدة يقتضى تقديم أمرين.
الأول: ان الجمع بين الدليلين، تارة يكون عرفيا متداولا بحيث لا يكون الخبران متعارضين بحسب المتفاهم العرفي، كما في العام والخاص، والحاكم والمحكوم، وما شاكل، والضابط كون مفاد أحدهما قرينة عند العرف على مفاد الآخر، وهذا الجمع قد مر الكلام فيه، وعرفت انه متين.
وأخرى يكون جمعا تبرعيا محضا بحيث لا يكون مرضيا عند العرف لا بلحاظ مفاد الخبرين ولا بلحاظ الخارج، وكان حمل الخبرين على ما حمل عليه كل منهما بلا مرجح، ولا مزية أصلا، والظاهر خروج هذا المورد عن مورد القاعدة، ولا يظن بأحد ممن نسب إليه هذه القاعدة الالتزام به، بل صريح كلام الأحسائي المدعى للاجماع عليها خلاف