جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية الرابع: في أنه، هل يجرى الاستصحاب في الأمور التدريجية غير القارة، أم لا؟
وتنقيح القول في المقام ان يقال بعد ما لا اشكال في جريان الاستصحاب في الأمور القارة، وقع الكلام في صحة جريانه في الأمور التدريجية، وهي التي تكون في كل آن في حد، غير الحد الذي كانت عليه في الآن السابق - وبعبارة أخرى - هي التي يكون وجودها في كل آن في حد مخصوص، غير حد ثابت له في آن آخر.
وليس منشأ الاشكال ان البقاء عبارة عن وجود ما كان في الزمان السابق في الزمان اللاحق، والزمان حيث لازمان له، فلا بقاء له فلا معنى للاستصحاب، فإنه ابقاء ما كان إذ يرد عليه أولا ان البقاء ينسب إلى الخارج عن أفق الزمان، وثانيا ان الاستصحاب عبارة عن عدم نقض اليقين بالشك صدق عنوان البقاء أم لم يصدق.
بل منشأ الاشكال ان الأمور التدريجية حيث لاقرار لها بل بحيث يوجد وينصرم، فما يتعلق به اليقين غير متعلق الشك، فان المتيقن فيها ينصرم والمشكوك فيه الجزء الآخر، وهو مشكوك الحدوث، وتنقيح القول في المقام بالبحث في موردين.
جريان الاستصحاب في الزمان الأول: في نفس الزمان وما يعرضه من العنوان الطارئ كاليوم والليل والشهر ونحوها من العناوين المنتزعة من مجموع الأزمنة المحدودة بين الحدين والمحصورة بين الحاصرين.
وقد يقال بأنه لا يجرى الاستصحاب فيها: لما مر من أن الامر التدريجي عبارة عن الآنات المتعاقبة والأكوان المتصرمة شيئا فشيئا فالمقدار المتيقن قد انقضى وانصرم قطعا.
والمقدار المشكوك فيه، يشك في أصل حدوثه فلا تكون أركان الاستصحاب تامة فيه.