دليل الاستصحاب ناظرا إلى المتيقن باثبات كونه هو الواقع ولو بتوسط اليقين بجعله في القضية مرآة إليه.
وفيه: ان النسبة بينه وبينها عموم من وجه لجريانه في موارد كما لو علم بملكية شئ أو زوجية امرأة، أو شبه ذلك، وشك في بقائها، ولا مورد للأصول فيها، فلا وجه للالتزام بالتخصيص.
فالصحيح ان يقال انه بناءا على كون المجعول في باب الاستصحاب بقاء اليقين السابق بالتقريب المتقدم يكون دليل الاستصحاب حاكما على أدلة الأصول غير التنزيلية:
فان لسان الاستصحاب بما انه ابقاء اليقين وعدم الاعتناء بالشك، - وبعبارة أخرى - لزوم معاملة اليقين، مع هذا الشك، فيكون موضوع ساير الأصول مرتفعا بجريانه تعبدا وليس معنى الحكومة الا ذلك، واما بناءا على كون المجعول هو الحكم المماثل أو التنجيز والتعذير أو غيرهما فلا وجه للتقديم أصلا.
تعارض الاستصحابين الامر الرابع: في تعارض الاستصحابين، وتمييز موارد تقديم أحدهما على الآخر عن غيرها، وتنقيح القول فيه بالبحث في مقامين. الأول: في بيان اقسام التنافي بين الاستصحابين. الثاني: في بيان حكم كل قسم منها.
اما الأول: فالتنافي بينهما، قد يكون لأجل عدم امكان العمل بهما معا من دون ان يعلم بانتفاض الحالة السابقة، كما في استصحاب وجوب أمرين، لا يتمكن المكلف في زمان الشك من العمل بهما، وقد يكون من جهة العلم بانتفاض الحالة السابقة في أحدهما.
والثاني: على قسمين، إذ ربما يكون الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الاخر. ويكون المشكوك فيه في أحدهما من آثار المشكوك فيه في الآخر، وربما يكون الشك في كل منهما مسببا عن امر ثالث وهو العلم الاجمالي الموجود في البين،