وان قلنا بان الإباحة مثلا ناشئة عن عدم الاقتضاء فيكون مقتضى القاعدة الحكم بالالزام إذ لا يزاحم عدم المقتضى مع المقتضى.
ولكن الأظهر هو الأول إذ لو كان الحكم الواقعي هو الوجوب، وقامت الامارة على الاستحباب يتبدل الوجوب إليه، فيعلم من ذلك أن مقتضى الاستحباب الموجود بسبب قيام الامارة انما يكون مقتضيا لعدم الوجوب، ولذا يمنع عن تأثير مقتضى الوجوب فيه، والا لا يعقل مانعيته عن تأثيره كما لا يخفى، وعليه فلو قامت الامارة على وجوب شئ، وامارة أخرى على استحبابه بما ان مقتضى الاستحباب له اثران. أحدهما: الحد الضعيف الوجودي. ثانيهما: عدم مرتبة الفوق فبالنسبة إلى ذلك الحد والمرتبة الفوقانية يتعارضان ويتمانعان، وحيث لا مانع عن تأثير مقتضى الاستحباب في اثره الأول فيؤثر فيه، ويحكم بالاستحباب، إذ يكفي في الحكم به عدم الاقتضاء للمرتبة الفوقانية فتدبر فإنه دقيق.
وبه يظهر ما في الاشكال الثاني الذي ذكره المحقق الخراساني (ره).
واما على القول بالسببية بالمعنى الرابع، فان قلنا بان المصلحة انما هي في الاستناد إلى الحجة بما هي حجة فعلا، فيكون حكمهما حكم الامارتين المتعارضتين على الطريقية، إذ بعد فرض المعارضة وعدم امكان فعلية الحجية فيهما لا يمكن الاستناد إليهما حتى تكون المصلحة فيهما، وأما لو قلنا بان المصلحة في الاستناد إلى ذات الحجة فيكون حالهما حال التعارض على فرض السببية بالمعنى الأول، لان كل واحدة منهما على الفرض ذات مصلحة.
حول مقتضى الأصل الثانوي في تعارض الخبرين المبحث الثالث: لا يخفى ان ما ذكرناه من مقتضى القاعدة في الامارتين المتعارضتين، انما هو في غير الخبرين المتعارضين.
واما فيهما فقد اتفقت كلمات القوم واستفاضت الاخبار على عدم سقوطهما