وثالثة: يكون المتعلقان متحدين ذاتا ومتغايرين زمانا كما إذا علم بحدوث شئ وشك في بقائه، فان كان متعلق اليقين مقدما كما في المثال فهو مورد للاستصحاب المعروف، وان كان متعلق الشك مقدما كما لو علم بظهور لفظ فعلا في معنى وشك في أنه كان ظاهرا فيه في زمان الشارع أم لا؟ فهو مورد للاستصحاب القهقرى وسيأتي الكلام فيه.
ورابعة: يكون المتعلقان متحدين زمانا وذاتا والتغاير انما يكون في زمان الوصفين، فان كان زمان الشك مقدما كما لو شك في يوم الأربعاء في موت زيد وتيقن يوم الجمعة بموته في يوم الأربعاء فهو مما لا كلام فيه ويجب العمل باليقين، وان انعكس كما لو علم يوم الأربعاء بموت زيد وشك في يوم الجمعة في موته في ذلك اليوم لاحتمال كون العلم السابق جهلا مركبا، فهو مورد لقاعدة اليقين.
إذا عرفت ما ذكرناه من الأمور فاعلم، انه يقع البحث، أولا: في أنه هل يكون الاستصحاب حجة ويدل على ذلك دليل أم لا؟ وثانيا: في مقدار دلالة الدليل على فرض وجوده، وفى ذيل ما استدل به لحجية الاستصحاب، نتعرض لقاعدتي اليقين، والمقتضى والمانع، وكيف كان فقد استدل لحجية الاستصحاب بوجوه.
الدليل الأول من أدلة حجية الاستصحاب الأول: استقرار بناء العقلاء من الانسان، بل ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة، وحيث لم يردع عنه الشارع كان ماضيا.
وقد وقع الكلام في كل من الصغرى أي ثبوت بناء العقلاء، والكبرى وهي امضاء الشارع إياه، فتنقيح القول بالبحث في مقامين.
اما المقام الأول: فقد أنكر المحقق الخراساني، ثبوته قال وفيه أولا منع استقرار بنائهم على ذلك تعبدا، بل اما رجاءا واحتياطا، أو اطمينانا بالبقاء، أو ظنا ولو نوعا انتهى.
وأورد عليه المحقق النائيني، وحاصل ما افاده انه لا ريب في استقرار سيرة العقلاء