قلنا: ان الاستصحاب تابع للمتيقن، فكل ما كان المتيقن عليه يستصحب، ويكون باقيا بعينه، ولذا لو كان مستحبا يستصحب استحبابه، ولا يحكم بالوجوب، وكذا العكس، وان شئت قلت: ان حكم الاستصحاب حكم طريقي، لا نفسي منبعث عن مصلحة في نفس هذا العنوان.
واما القسم الثاني: فان كان أحدهما مسببا عن الآخر مع كون السببية غير شرعية، فلا يقدم أحدهما على الآخر، ويلحقه ما سنذكره في القسم الثالث.
حول الأصل السببي والمسببي وان كانت السببية شرعية، فلا كلام بينهم في تقديم الأصل السببي على الأصل المسببي.
وقد ذكر المحقق النائيني (ره) للتقديم شرطا، وهو ان يكون الأصل الجاري في السبب رافعا لموضوع الأصل المسببي، فلو لم يكن رافعا له، كما إذا شك في جواز الصلاة في وبر حيوان شك في كونه محلل الاكل: فان أصالة الإباحة في ذلك الحيوان لا ترفع الشك في جواز الصلاة فإنه رتب في الأدلة على العناوين الخاصة كالغنم، والبقر، وما شاكل في قبال العناوين المحرمة كالأرنب وما شابه، وأصالة الإباحة لا تثبت العنوان المحلل، يكون خارجا عن محل الكلام.
وفيه: ان جواز الصلاة لو كان مترتبا على ما يحل اكله فعلا فيترتب على أصالة الإباحة، ولا اشكال فيه، ولو كان مترتبا على العناوين الخاصة المحللة، لا الحلال الفعلي لا يكون هناك ترتب شرعي بين جواز الصلاة والحلية وعليه فهذا ليس قيدا زايدا على اعتبار كون الترتب شرعيا، وكيف كان فقد استدل لتقديم الأصل السببي بوجوه.
الأول: الاجماع على ذلك في موارد لا تحصى فإنه لا يحتمل الخلاف في تقديم الاستصحابات في الملزومات الشرعية، كالطهارة من الحدث والخبث، وكرية الماء، واطلاقه، وحياة المفقود، وما شابه ذلك، على استصحاب عدم لوازمها الشرعية.