واما المورد الثاني: فالأصل يقتضى التخيير لما تقدم من أن التخيير الذي التزمنا به، انما هو بمعنى حجية كل منهما مقيدا بعدم العمل بالآخر - وعليه - فمقتضى أصالة العموم لدليل الحجية، حجية المرجوح عند عدم العمل بالراجح، ولا يعتنى بالاحتمال في مقابل أصالة العموم، بل هي تتبع ما لم يدل دليل أقول على خلافها، وأصالة عدم الحجية، عند الشك لا يرجع إليها، مع أصالة العموم المقتضية للحجية.
الترجيح بالأحدثية المبحث الرابع: في بيان ما يستفاد من الاخبار في تعارض الخبرين، وملخص القول في المقام، ان نصوص الباب على طوائف، الأولى: ما توهم دلالته على لزوم لاخذ بالأحدث، الثانية: ما دل على الاخذ بما يكون من الخبرين موافقا للاحتياط، الثالثة: ما دل على التوقف، الرابعة: ما دل على التخيير، الخامسة: ما دل على الترجيح بمزايا مخصوصة، اما الأولى: فالروايات التي استدل بها للترجيح بالأحدثية ولزوم الاخذ بالأحدث ثلاث. إحداها: رواية المعلى بن خنيس قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ فقال (ع) خذوا به حتى يبلغكم عن الحي وان بلغكم عن الحي فخذوا بقوله ثم قال أبو عبد الله (ع) انا والله لا ندخلكم الا فيما يسعكم (1).
الثانية: رواية الكناني عنه (ع) قال لي أبو عبد الله أرأيت لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتياء ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بأيهما كنت تأخذ قلت بأحدثهما وادع الآخر فقال (ع) قد أصبت يا أبا عمرو، أبى الله الا ان يعبد سرا والله لئن فعلتم ذلك أنه لخير لي ولكم أبى الله عز وجل لنا في دينه الا التقية (2) ونحوهما فيما في ذيلهما غيرهما.
الثالثة: رواية الحسين بن مختار عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) أرأيتك