الخامس: انه بناءا على ذلك لا بد من الالتزام بعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية مطلقا بناءا على مسلك أهل الحق من تنزه ساحة الشارع الأقدس عن الاغراض النفسانية، وانما تكون الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية، وانها ألطاف في الواجبات العقلية: فإنه على هذا المسلك يتحد موضوع حكم العقل وموضوع حكم الشرع.
وفيه: انه في الأحكام الشرعية الثابتة بغير حكم العقل يكون الموضوع بحسب ما يستفاد من الدليل شيئا يكون باقيا مع ارتفاع بعض الخصوصيات التي هي من حالات الموضوع بنظر العرف، واما الحكم الشرعي المستكشف من الحكم العقلي فبما ان العقل لا يرى وراء الموضوع شيئا دخيلا في الحكم، بل كل قيد يكون دخيلا فيه يكون راجعا إلى الموضوع فليس غير الموضوع شئ يعد من حالاته.
فتحصل مما ذكرناه ان ما افاده الشيخ الأعظم (ره) من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية المستكشفة من الاحكام العقلية هو المتين، هذا على فرض جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية الكلية وسيجئ الكلام في المبنى.
التفصيل بين الشك في الرافع والمقتضى الثاني: ذهب جماعة تبعا للشيخ الأعظم إلى اختصاص حجية الاستصحاب بموارد الشك في الرافع وانه لا يجرى الاستصحاب في موارد الشك في المقتضى، وبما انه اشتبه مراد الشيخ من المقتضى والرافع، فلا بد من البحث أولا في بيان مراده، ثم بيان ما يستفاد من الأدلة، فتنقيح القول بالبحث في مقامين، الأول في بيان المراد من الشك في المقتضى وتعيين مورد النزاع، الثاني: في بيان ما هو الحق.
اما المقام الأول: فلا يخفى انه للمقتضى معان، أحدهما: ما يكون من اجزاء العلة حيث إنها مركبة من المقتضى، وهو ما يترشح منه المعلول كالنار، والشرط، وهو ما يكون دخيلا في فاعلية الفاعل أو قابلية القابل كالمماسة، وعدم المانع وهو عدم ما يزاحم