لا سبيل إلى الأول، لا لما قيل من انقطاع الوحي بعد النبي (ص)، لأنه يمكن ان يكون من العلوم المستودعة عندهم، بل لأنه من المستبعد جدا الالتزام بالنسخ في أكثر الأحكام الشرعية ، أضف إليه ما تقدم في المسألة المتقدمة، وبه يظهر ان المتعين هو القول الثالث.
حول انقلاب النسبة في التعارض بين أكثر من دليلين المبحث الثامن: قد عرفت انه إذا كان أحد الدليلين قرينة عرفية على الآخر، يقدم عليه، من دون ان تلاحظ المرجحات، وان لم يكن كذلك يرجع إلى اخبار الترجيح والتخيير على تفصيل تقدم.
لكن تعيين ذلك فيما إذا كان التعارض بين الأكثر من دليلين في جملة من موارده لا يخلو من صعوبة ولذلك أصبحت المسألة معركة للآراء.
وحيث إن موارد ذلك في الفقه كثيرة، فلا بد من بيان ضابط به يتضح الحال في كل مورد.
وتنقيح القول بالبحث في كل صورة من صور المسألة وهي خمس.
الأولى: ما لو ورد عام وخاصان متباينان كما لو، دل دليل على استحباب اكرام العلماء، ودل دليل آخر على عدم استحباب اكرام الكوفيين منهم، ودل دليل ثالث على عدم استحباب اكرام الحليين منهم، فان النسبة بين العام، وكل من الخاصين عموم مطلق، والنسبة بين الخاصين التباين، فان لم يلزم من تخصيص العام بهما محذور كما في المثال فيخصص العام بهما، من دون لزوم انقلاب النسبة.
وان لزم منه ذلك كما لو لزم عدم بقاء المورد للعام من تخصيصه بهما، أو لزم التخصيص المستهجن، كما لورود يجب اكرام العلماء، ودل دليل ثان على استحباب اكرام العدول منهم، ودل دليل ثالث على حرمة اكرام الفساق منهم، فله موردان 1 - ما إذا كان كل من الخاصين منفصلا 2 - ما إذا كان أحدهما متصلا والآخر منفصلا.
فالكلام في موردين.