ومستجمعا للاجزاء والشرائط ومنها البلوغ، كان الأصلان متعارضين: إذ مفاد الاستصحاب بضميمة العقد المحرز بالوجدان صدور العقد من غير البالغ، ومفاد أصالة الصحة التعبد بكون العقد صادرا من البالغ وعلى ذلك فهناك شك واحد تقتضي أصالة الصحة التعبد بوجود المشكوك فيه ويقتضي الاستصحاب التعبد بعدمه - وبعبارة أخرى - مفاد أصالة الصحة صحة العقد الموجود وسببيته، ومفاد الاستصحاب نفى سببية العقد الموجود فكل منهما ينفى ما يثبته الآخر.
وبهذا التقريب يندفع ما أورد عليه: بان مفاد أصالة الصحة حيث يكون التعبد بوجود العقد الصحيح ومفاد الاستصحاب التعبد بعدم سببية العقد الموجود فلا تعارض بينهما، وجه الاندفاع: ان مفاد أصالة الصحة ليس التعبد بوجود العقد الصحيح بل بصحة العقد الموجود.
وأورد على نفسه بان التعبد بنفي السببية لا يصح لكونه غير مجعولة شرعا فالاستصحاب يكون أصلا حكميا محرزا لبطلان العقد، وأجاب عنه بأنه على هذا تكون أصالة الصحة أيضا من هذا القبيل كما لا يخفى.
ولكن: الذي يهون الخطب، ويغنينا عن إطالة الكلام في المقام في بيان وجوه المعارضة والحكومة من الطرفين، ان دليل أصالة الصحة، هو السيرة وبناء العقلاء بضميمة عدم ردع الشارع الأقدس عنه، وحيث: ان هذا المدرك يدل على ثبوت أصالة الصحة في موارد وجود الأصول الموضوعية، كما يظهر لمن اختبر ذلك من العرف والعقلاء في المعاملة مع العقود الصادرة من الغير، فلا وجه لملاحظة المعارضة مع تلك الأصول فتقدم عليها وبهذا ينقطع النزاع.
أصالة الصحة في الأقوال التاسع: في أصالة الصحة في الأقوال، والصحة فيها تكون من وجهين.
الأول: من حيث كونها حركة وفعلا صادرا من المكلف، والشك من هذه الجهة