فالمتحصل ان التخيير يكون في المسألة الأصولية.
واما المورد الثاني: فجواز اختيار المقلد غير ما يختاره المجتهد يبتنى على القول بان التقليد في المسألة الأصولية مشمول لأدلة التقليد، فلو كان رأى المجتهد حجية الخبر الموثوق به له ان يفتى بذلك، فإذا رأى المقلد وثاقة خبر لا يراه المجتهد موثقا له ان يعمل به. وعليه ففي المقام له ان يختار غير ما يختاره المجتهد، وقد أشبعنا الكلام في المبنى، في أول مباحث القطع، وفى رسالة الاجتهاد والتقليد هل التخيير بدوي أو استمراري؟
واما المورد الثالث: فالكلام فيه يقع في جهات، الأولى: فيما يقتضيه الأصل الأولى على المختار من أنه التخيير، الثانية: فيما يقتضيه الاجماع المدعى على التخيير مع عدم المرجح. الثالثة: فيما يقتضيه اطلاقات أدلة التخيير على تقدير تسليم دلالتها عليه، الرابعة:
فيما يقتضيه الاستصحاب مع عدم الدليل على أحد الطرفين.
اما الجهة الأولى: فحيث عرفت ان الأصل في الامارتين هو التخيير بتقييد حجية كل منهما بعدم الاخذ بالآخر، لا بتعلق الحجية والدليلية بالجامع بينهما، فيكون دليل التخيير دليلا على استمراره، فالتخيير استمراري الا ان يمنع عنه مانع خارجي، وهو العلم الاجمالي.
توضيحه: انه إذا فرضنا قيام خبرين على وجوب فعلين، كالظهر، والجمعة، أو القصر، والتمام وأمثالهما فعلى القول باستمرارية التخيير له ان يختار في الواقعة الثانية، خلاف ما يختاره في الواقعة الأولى، فإذا فعل كذلك يحصل له العلم الاجمالي بالمخالفة القطعية العملية وهذا العلم الاجمالي يمنع عن الحكم باستمرارية التخيير.
والى ذلك نظر صاحب المفاتيح حيث استدل لابتدائية التخيير: بان العدول موجب لترك الواجب لا إلى بدل، وهذا بخلاف التخيير الواقعي في موارده فان جواز العدول