الكلام حول قاعدة الفراغ والتجاوز من القواعد التي لابد لنا من البحث فيها، قاعدة الفراغ والتجاوز، وتنقيح القول فيها يقتضى البحث في أمور.
الأول: ان هذه القاعدة ليست من المسائل الأصولية، وانما هي من القواعد الفقهية، لان المسألة الأصولية هي ما تقع نتيجة البحث فيها في طريق اثبات واستنباط الاحكام الكلية الشرعية، - وبعبارة أخرى - هي ما لو جعلت نتيجة البحث كبرى للقياس، تكون النتيجة الحكم الكلى المجعول الشرعي.
وهذه القاعدة ليست منها لوجوه 1 - ان المستنتج من القياس الذي جعلت القاعدة نفيا أو اثباتا كبرى له ليس حكما كليا، بل انما هي صحة عمل خاص مثلا، ولذا تكون النتيجة بنفسها قابلة للالقاء إلى المقلدين.
2 - انها متكفلة لحكم الشك في الامتثال بعد الفراغ عن ثبوت الاحكام لموضوعاتها في مرحلة الجعل والتشريع من دون تعرض لثبوت حكم أو نفيه.
3 - ان استفادة الحكم منها من باب انطباق مضمونها على مصداقه، لامن باب اثبات شئ بها.
وقد يقال انه لا تكون القاعدة من القواعد الفقهية المصطلحة، وهي ما تكون نتيجة البحث حكما كليا تكليفيا أو وضعيا: فإنه لا يثبت بها حكم، وانما هي تعبد بتحقق الامتثال.
فان قيل إن المجعول فيها هي الصحة، وهي من الأحكام الوضعية، توجه عليه ان الصحة ليست حكما مجعولا بل هي تنتزع من مطابقة الماتى به للمأمور به فالمتعبد به فيها هي المطابقة وهي ليست من الأحكام الشرعية.
ولكن يمكن ان يقال ان القاعدة الفقهية هي ما يعين وظيفة المكلف اثباتا أو نفيا فتشمل مثل هذه القاعدة.