الاستصحاب التعليقي الخامس: قد وقع الخلاف بين الاعلام في جريان الاستصحاب فيما إذا كان المتيقن حكما غير تنجيزي معلقا ومشروطا، وعدمه، ويطلق على هذا الاستصحاب الاستصحاب التعليقي تارة، والمشروط أخرى، باعتبار كون القضية المستصحبة قضية تعليقية حكم فيها بوجود الحكم على تقدير امر آخر، ومثلوا له، باستصحاب حرمة ماء العنب، فيما إذا جف وصار زبيبا ثم غلا.
والبحث في جريان هذا الاستصحاب وعدمه، يكون مبتنيا على جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية، واما بناءا على عدم جريانه فيها كما هو المختار على ما عرفت، فلا وجه للنزاع أصلا كما لا يخفى.
وأيضا انما يصح هذا النزاع على القول بمعقولية الواجب المعلق وثبوت الحكم المعلق، والا فبناءا على عدم ثبوت الحكم المعلق كما ذهب إليه الشيخ (قده)، لا مجال لهذا النزاع أصلا، لعدم وجود القضية المتيقنة.
وقبل الدخول في البحث وبيان ما قيل في وجه الجريان وعدمه، لابد من تقديم مقدمتين.
إحداهما: ان العناوين المأخوذة في الحكم، تارة يستكشف من ظاهر الدليل، أو من الخارج انها دخيلة في الحكم حدوثا وبقاءا، وأخرى يستكشف منه ترتب الحكم على المعنون وان تبدل عنوانه، كما لو دل الدليل على حلية الحنطة مثلا وعلم أن عنوان الحنطة عنوان مشير، فهذا الحكم ثابت، وان تبدل العنوان إلى كونه خبزا مثلا وثالثة: لا يحرز أحد الامرين كما في تغير الماء الموجب لتنجسه فإنه لا يحرز ان الحكم يدور مدار عنوان التغير حدوثا وبقاءا، ومحل الكلام في المقام ما كان من قبيل الثالث إذ الحكم في الفرض الأول مع تبدل العنوان معلوم العدم، وفى الفرض الثاني معلوم الثبوت، فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب.