الشيخ (ره) يرى انتزاعية الأحكام الوضعية من الأحكام التكليفية ونحن أيضا وافقناه في مثل السببية والشرطية فراجع، وعليه فلا يجرى فيها الاستصحاب، وثالثا: ان الملازمة والسببية ان لم تكن جعلية لا يجرى فيها الاستصحاب، لعدم كونها اثرا شرعيا، ولا موضوعا لاثر شرعي، وان كانت مجعولة فلها كساير الاحكام مقام الجعل والفعلية، وبالنسبة إلى الحكم الكلى المجعول لا شك في البقاء، وبالنسبة إلى فعليتها لا يقين بالثبوت، إذ فعليتها تتوقف على فعلية موضوعها وهو مركب من جزئين، وفى المثال، أحدهما العنب، والآخر الغليان، والمفروض عدم تحقق الثاني فلا تكون فعلية.
فالأظهر عدم جريان الاستصحاب التعليقي، ويرد عليه مضافا إلى ذلك كله انه لو سلم جريانه، فهو محكوم، باستصحاب عدم الجعل الذي لأجله اخترنا عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية مطلقا.
الاستصحاب التعليقي في الموضوعات وأوضح من ذلك في عدم الجريان، الاستصحاب التعليقي في الموضوعات، والمتعلقات، إذ الموضوع أو المتعلق انما يترتب عليه الأثر إذا وجد في الخارج، واما وجوده التقديري، فلا يكون موضوع الأثر.
وقد يتوهم انه بناءا على جريان الاستصحاب التعليقي في الاحكام، يجرى الاستصحاب التعليقي في الموضوعات والمتعلقات، فلو كان الحوض قبل ساعة بحيث لو وقع فيه الثوب النجس لتحقق غسله، وطهر لوجود الماء فيه، ثم شك في بقاء الماء لجرى الاستصحاب التعليقي، وحكم بحصول الغسل والطهارة على تقدير وقوع الثوب النجس فيه في الخارج، وكذا لو كانت الصلاة قبل ساعة بحيث لو اتى بها المكلف، لما وقعت في غير ما لا يؤكل لحمه فبعد ما لبس المكلف الثوب المشكوك في كونه من غير المأكول يشك في بقاء الصلاة على ما كانت عليه لجرى الاستصحاب وحكم بصحتها على تقدير الاتيان بها مع ذلك الثوب.