واما الثاني: فالشك في الغاية يتصور على وجوه، أحدها: ان يعلم الغاية ويكون مفهومها مبينا عنده ولكن شك في تحققه لأجل أمور خارجية، كما لو شك في تحقق الليل من جهة الغيم، ثانيها: ان يشك فيها لأجل الشك في المفهوم، وعدم تبينه كما لو شك في أن الغروب، عبارة عن استتار القرص، أو ذهاب الحمرة المشرقية، ثالثها: ان يشك فيها من جهة ترددها بين مفهومين متغايرين، كما لو شك في أن غاية صلاة العشاء، هل هو انتصاف الليل، أو طلوع الفجر.
الظاهر جريان الاستصحاب في الوجه الأول، دون الأخيرين: لأنه في الأول اليقين مقتض للجري العملي والشك يستند إلى امر خارجي، واما في الأخيرين: فاليقين بنفسه لا يقتضى الجري العملي، ويكون قاصرا، فلا يصدق على رفع اليد عن الحالة السابقة نقض اليقين بالشك.
التحقيق حول الاستصحاب في الاحكام الكلية الخامس: ذهب جمع من المحققين منهم الفاضل النراقي، والأستاذ الأعظم، وبعض الأخباريين إلى اختصاص حجية الاستصحاب بالشبهات الموضوعية، وانه لا يجرى في الشبهات الحكمية فلو كان حكم كلي مشكوك البقاء، كوجوب صلاة الجمعة في زمان الغيبة، ومشروعية الجماعة في صلاة العيدين في زمان عدم وجوبها، ونجاسة الماء القليل النجس المتمم كرا، وثبوت بعض الخيارات مع التراخي، وما شاكل، لا يحكم بالبقاء لأجل الاستصحاب.
وتنقيح القول في المقام يستدعى ان يعين محل البحث أولا، ثم بيان ما هو الحق المستفاد من الأدلة.
اما الأول: فالشك في الحكم، تارة يكون ناشئا من الشك في أصل الجعل من حيث السعة والضيق بالنسبة إلى عمود الزمان بان يشك في أن الجعل في الحكم المعين هل هو يعم جميع الأزمنة، أم يكون مختصا بقطعة من الزمان فيرتفع بنفسه بعد انقضاء